Sidonianews.net
----------------------
الجمهورية
روان شيخ أحمد، إيزابيل كيرشنر، وأبو بكر بشير- نيويورك تايمز
الجوع الشديد يعصف بالقطاع الفلسطيني الممزّق بفعل الحرب، حيث يزداد عدد الأشخاص الذين يعانون من المجاعة، فيما يعمل الأطباء الذين يعالجونهم، وهم أنفسهم على معدة فارغة.
عاطف أبو خاطر (17 عاماً)، الذي كان بصحة جيدة قبل اندلاع الحرب في غزة، يرقد الآن في العناية المركزة في أحد مستشفيات شمال القطاع، مصاباً بسوء تغذية حاد.
أقرّ والده، عيد أبو خاطر (48 عاماً)، الذي يعيش في خيمة في مدينة غزة مع زوجته وأطفاله الخمسة: «أنّه لا يستجيب للعلاج». وأضاف بصوت متهدج من شدّة الحزن خلال مكالمة هاتفية: «أشعر بالعجز. لقد فقدنا مصدر رزقنا في الحرب. الطعام لا يُطاق ثمنه. لا يوجد شيء».
تكافح مستشفيات غزة منذ بداية الحرب لاستيعاب تدفّق الجرحى والمشوّهين من الفلسطينيِّين بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية، وأخيراً بفعل إطلاق النار لتفريق الحشود اليائسة التي تتدافع نحو قوافل الطعام أو نقاط توزيع المساعدات.
الآن، بحسب ما يؤكّده الأطباء في القطاع، فإنّ عدداً متزايداً من مرضاهم يعانون، ويموتون، من الجوع. وكشف الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر بجنوب غزة: «لا أحد في غزة حالياً خارج نطاق المجاعة، حتى أنا. أتحدّث إليكم كمسؤول صحي، لكنّني أنا أيضاً أبحث عن الدقيق لإطعام عائلتي».
وأعلنت منظمة برنامج الأغذية العالمي، التابعة للأمم المتحدة، هذا الأسبوع، أنّ أزمة الجوع في غزة وصلت إلى «مستويات جديدة ومذهلة من اليأس، حيث ثلث السكان لا يأكلون لأيام عدة متتالية».
وذكر الدكتور الفرا، أنّ عدد الأطفال الذين يموتون بسبب سوء التغذية ارتفع بشكل حاد في الأيام الأخيرة. ووصف مشاهد مفجعة لأشخاص مرهقين لدرجة عدم القدرة على المشي. وأوضح أنّ العديد من الأطفال الذين يعاينهم ليس لديهم أي حالات طبية سابقة، مستشهداً بحالة الطفلة سيّار بربق، التي وُلدت بصحة جيدة، وكان ينبغي أن تزن حوالى 9 كيلوغرامات في عمر 11 شهراً، لكنّها تزن أقل من 4.
بعد مرور 21 شهراً من الصراع المدمّر الذي أشعلته الهجمات التي قادتها «حماس» في 7 تشرين الأول 2023 ضدّ إسرائيل، بات النقص في الغذاء والماء يلحق ضرراً بالغاً بأكثر الفئات ضعفاً في غزة، الأطفال والمسنين والمرضى.
وفقاً لوزارة الصحة في غزة، سُجِّلت أكثر من 40 حالة وفاة مرتبطة بالجوع خلال هذا الشهر، من بينهم 16 طفلاً، وبلغ العدد الإجمالي منذ بداية الحرب 111 حالة وفاة، من بينهم 81 طفلاً. ولم يمكن التحقق من هذه البيانات بشكل مستقل.
طوال فترة الحرب، اتهمت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة المستقلة إسرائيل، بأنّها تسمح بدخول كميات غير كافية من الغذاء إلى غزة، محذّرين من مجاعة وشيكة لأكثر من مليونَي نسمة. وردّت إسرائيل بالقول، إنّ ما يكفي من الغذاء كان يدخل إلى غزة، وألقت باللوم على تحويل المساعدات من قبل «حماس» وسوء إدارة منظمات الإغاثة في المشاكل القائمة.
أطفالٌ بعيُون غائرة وأجسادٌ هزيلة يرقدون على أسرّة المستشفيات، أو تعتني بهم أمّهاتهم وآباؤهم الذين يحدّقون في ضلوعهم البارزة وأكتافهم النافرة وأطرافهم النحيلة كالعيدان الهشة. هذه المشاهد المفزعة تتناقض بشكل صارخ مع مظاهر الوفرة على بُعد أميال قليلة، على جانبَي الحدود مع إسرائيل ومصر.
يعيش الطفل محمد زكريا المتوق، البالغ من العمر حوالى 18 شهراً، مع والدته وشقيقه في خيمة على شاطئ غزة. وأكّدت والدته، هداية المتوق (31 عاماً)، أنّ والد محمد قُتل في تشرين الأول عندما خرج بحثاً عن طعام.
بعد أن أنهت إسرائيل وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين في منتصف آذار، واستأنفت حملتها العسكرية في غزة، فرضت حصاراً تاماً على دخول البضائع لمدة نحو 80 يوماً، للضغط على «حماس» من أجل الاستسلام، ممّا زاد من تفاقم الحرمان الشديد القائم أصلاً.
حالياً، تدخل المساعدات بطريقتَين. الأولى عبر نظام جديد يتعرّض لانتقادات واسعة، تديره شركة مقاولات أميركية خاصة تحت مظلة «مؤسسة غزة الإنسانية»، وهي مجموعة خاصة مدعومة من إسرائيل، لديها مواقع توزيع محدودة في جنوب القطاع وواحد في وسطه. والطريقة الأخرى هي عبر قوافل مساعدات من منظمات دولية مستقلة.
كلا النظامَين يعانيان من الفوضى المتزايدة والعنف، بعد أشهر من الحصار والحرب والنزوح الجماعي وغياب القانون. وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ معظم حالات إطلاق النار الإسرائيلية وقعت حول مواقع التوزيع المدعومة من إسرائيل.
أزمة الجوع هي نتيجة لفشل بشري، وكل طرف من الأطراف المعنية يلوم الطرف الآخر على المعاناة.
تتّهم إسرائيل حركة «حماس» بفبركة سردية الجوع من خلال نهب شاحنات المساعدات وعرقلة توزيعها على الغزّيين. كما تتّهم الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية، بعدم جمع مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات التي تراكمت على الجانب الغزي من المعابر الحدودية.
أمّا منظمات الإغاثة فتتهم إسرائيل بفرض الحصار على غزة، وتقييد الإمدادات، وعدم تأمين الطرق الآمنة لقوافلها داخل القطاع. وقد أكّدت هذه المنظمات مراراً أنّ الحل الوحيد هو زيادة ضخمة في تسليم المواد الغذائية.
وردّت إسرائيل على صور الأطفال الجائعين هذا الأسبوع بصور لصفوف من المساعدات غير المجمّعة على الجانب الغزي من أحد المعابر، وبمقاطع فيديو وصفتها بأنّها تُظهر عناصر من «حماس» يستمتعون بأطباق الطعام والفواكه الطازجة داخل أنفاق الجماعة. ورفض الجيش الإفصاح عن توقيت تسجيل الفيديو.
---------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار العالم العربي / غزّيون يموتون جوعاً ثلث السكان لا يأكلون لأيام
2025-07-25