حملة المهاجر إلى الله ورسوله تعلن بدء طلبات الحج 20254
الرئيسية / أخبار لبنان /تحقيقيات وتقارير /نهاية الحرب لا تزال بعيدة

جريدة صيدونيانيوز.نت / نهاية الحرب لا تزال بعيدة

 

Sidonianews.net

----------------------

الجمهورية / جوني منير

بالتزامن مع بدء اجتماعات وزراء الخارجية في الدوحة تحضيراً للقمة التي ستُعقد اليوم، وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى إسرائيل، في إطار مسعى واشنطن لإحتواء التداعيات الناجمة عن قصف إسرائيل الدوحة، في عملية فشلت في تصفية قادة حركة «حماس». وجاءت زيارة روبيو إثر إعلان البيت الأبيض المتكرّر وبأشكال عدة، عدم علمه المسبق بالعملية، ومعلناً «غضب» الرئيس دونالد ترامب وإدانته لها.

وكان لافتاً أن يكلّف ترامب وزير خارجيته هذه المهمّة، بعدما اعتاد تكليف موفده الخاص ستيف ويتكوف الملف الإسرائيلي ـ الفلسطيني والإسرائيلي ـ العربي. وهو ما دفع عدداً من المراقبين إلى وضع زيارة روبيو في إطار إعطاء لبوس إعلامي لمهمّته أكثر منه طابع عملي، في وقت يبقى ملف الهدنة بكل متفرعاته في يد ويتكوف. وكان ترامب قد جهد بعد حصول العملية وتبيان فشلها، في إظهار شجبه وإدانته لما جرى إعلامياً. وهو جهد لإبراز ذلك خلال لقائه برئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وتمّ تسريب أجواء إيجابية عن اللقاء إلى وسائل الإعلام الأميركية والعالمية، على رغم من عدم صدور بيان رسمي كما هو متعارف عليه بعد اجتماع المسؤول القطري بماركو روبيو.

في الواقع، ورغم جهود الفريق المعاون لترامب، إلاّ أنّ الإنطباع الغالب السائد يشير إلى معرفة ترامب وموافقته المسبقة على الضربة التي طاولت الدوحة. وتكفي الإشارة إلى ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن بنيامين نتنياهو قوله لروبيو في تسريب مقصود، أنّ العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لم تكن يوماً أقوى مما هي عليه الآن. ويأتي هذا الكلام لنتنياهو في عزّ ردود الفعل السلبية التي أحدثها قصف الدوحة والشجب المتلاحق لترامب، مع نفيه بمعرفته المسبقة.

وقبل ذلك، وتحديداً بعد يومين من استهداف قطر، أعلن نتنياهو بشيء من الوقاحة أنّه سيكرّر فعلته في حال لم تقم قطر بإخراج قادة حركة «حماس» من أراضيها. كذلك فإنّ روبيو نفسه صرّح قبل سفره إلى إسرائيل بأنّ الإختلاف في شأن الهجوم الإسرائيلي على قطر لن يؤثر على مستوى الدعم الأميركي لإسرائيل. أضف إلى هذه المؤشرات المناخ المؤيّد للعمل الإسرائيلي في أجواء المحيطين بترامب والمؤيّدين له. وعلى سبيل المثال، فإنّ صحيفة «وول ستريت جورنال» والمعروفة بتوجّهاتها اليمينية المحافظة، إضافة إلى أعضاء في الكونغرس من الحزب الجمهوري، أبدوا ترحيبهم بإطلاق يد إسرائيل في الشكل الذي حصل.

واستطراداً، فإنّ الإنطباع الغالب، إضافة إلى الوقائع الميدانية، يميل الى ترجيح فرضية إعطاء البيت الأبيض الضوء الأخضر مسبقاً. والنقطة المثيرة هنا لا تتعلق بوجود نية لتصفية قيادة حركة «حماس»، فهذه مسألة معروفة، لكن الجديد هو سقوط الخط الأحمر والمتعلق بمظلة الحماية الأميركية لأمن الخليج من خلال قطر. وإذا صح ذلك، يصبح السؤال عندها عن طبيعة المرحلة المقبلة في ظل الترداد الدائم لنتنياهو عن «تغيير وجه المنطقة». وهذا الكلام كان قد أثاره رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري خلال مؤتمره الصحافي بعد الهجوم الإسرائيلي، حين سأل نتنياهو عمّا إذا كان يعمل لإعادة تشكيل المنطقة أم الخليج. في الواقع، كان يوجّه سؤاله إلى ترامب ضمناً.

في هذا الوقت يندفع نتنياهو للبدء بعمليته الواسعة في غزة. هو قصف الأبراج والأبنية العالية علّه ينتهي من ملف الأسرى الذي بدأ يكبّله داخلياً. وتحت أعذار شتى، باشر رئيس الحكومة الإسرائيلية في دفع الفلسطينيين إلى خارج مدينتهم. ووفق الجيش الإسرائيلي، فإنّه وحتى ظهر أمس، غادر نحو 300 ألف فلسطيني مدينة غزة. وهو ما يؤكّد أنّ نتنياهو يعمل لمشروع واضح يهدف إلى تهجير أهالي غزة نهائياً عن أرضهم، تحت دوي القصف وهدم ما تبقّى من منازل وسبل عيش. وغالب الظن أنّ خطته التي قال إنّها تحتاج لأربعة أشهر لتنفيذها، ستؤدي في نهاية المطاف إلى تهجير معظم فلسطينيي غزة إلى خارج القطاع وإلى الأبد. في السابق كان زعماء إسرائيل يصفون غزة بالكابوس، وكان الإعتقاد السائد أنّ لا حلول ممكنة، خصوصاً في ظل استحالة تنفيذ «ترانسفير» في عصر الإنترنت، والذي جعل العالم بحجم بلدة أو مدينة. لكن نتنياهو ومعه اليمين المتطرف فتحا كتاب الحرب، وهما لن يغلقاه بسهولة، على رغم من اقتراب ذكرى السنتين على اندلاعها.

ولكن مشاريع هذه الحكومة اليمينية لن تكون محدودة بغزة وحدها على ما يبدو. فخلال الساعات الماضية أرسل الجيش الإسرائيلي تعزيزات لقواته إلى الضفة الغربية بذريعة إمكانية تدهور الوضع تعاطفاً ودعماً لغزة. كما أرسلت إسرائيل قوات دعم إلى الحدود مع سوريا وأخرى إلى الجبهة الشمالية مع لبنان.

بالنسبة إلى الضفة، بات معروفاً سعي إسرائيل لجعل الحياة مستحيلة، بهدف دفع الفلسطينيين للنزوح في اتجاه الأردن. وخلال الأيام الماضية ضغطت الدول العربية عبر الأمم المتحدة، حيث تمّ التصويت بغالبية كاسحة لمصلحة «حل الدولتين» والذي نال تأييد 142 دولة. لكن المؤسف أنّ الدول العشر المعارضة لهذا الحل، وعلى رغم من عددها المحدود، إلّا أنّ رفضها يبقى هو القرار الغالب بسبب وجود الولايات المتحدة الاميركية بينها. وهو ما يدفع إلى التوجس من انحياز إدارة ترامب فعلياً إلى مشروع نتنياهو واليمين الإسرائيلي. أما في جنوب سوريا، فإنّ التطورات المأسوية والدموية خلال الأشهر الماضية جعلت الصورة أكثر وضوحاً مع الفرز الذي حصل، وهو ما يدفع إسرائيل للمحافظة عليه، لا بل تحصينه وعدم ترك «ثغرة» انشغالها بحرب غزة لإستعادة المشهد القديم.

يبقى الوضع اللبناني. فقرار الحكومة اللبنانية في الخامس من أيلول الماضي أنتج تأييداً أميركياً ولو على مضض. خصوصاً أنّ هنالك نقطتين أساسيتين: الأولى باستكمال سيطرة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية وبنحو كامل على منطقة جنوب الليطاني، والثانية بإمساك الدولة وحدها وبقواها الذاتية بكل الطرق والتنقل في لبنان، وترك موضوع مخازن الأسلحة تحت الأرض إلى مراحل لاحقة. وفي موازاة ذلك، أنهت منظمة التحرير الفلسطينية برنامجها بتسليم سلاحها الثقيل عبر مخيم عين الحلوة، والذي يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني وأكثر المخيمات خطورة. لكن حركة «حماس» والتنظيمات الإسلامية التي تدور في فلكها، بقيت خارج برنامج التسليم، وهنا تكمن المعضلة الأساس. وحتى الآن تبدي حركة «حماس» وعبر تواصلها مع السفير رامز دمشقية، مرونة ظاهرة، ولكن من دون إقرانها بأي ترجمة حقيقية. على رغم من أنّ دمشقية يبدي تفاؤله بإمكانية تسليم «حماس» لسلاحها الثقيل قبل نهاية الشهر الجاري. إلّا أنّ الأجواء المحيطة والقريبة من «حماس» لا تبعث على التفاؤل. وعلى رغم من أهمية مخيم عين الحلوة وخطورته، إلّا أنّ المشكلة الحقيقية تقع في مكان آخر، وتحديداً في مخيم الرشيدية. ففي عين الحلوة المقّسم وفق مناطق نفوذ تتبع لسيطرة «حماس» أو الإسلاميين أو حركة «فتح»، فإنّ «حماس» لا تملك كثيراً من الأسلحة الثقيلة. ذلك أنّ معظم تسليحها يقتصر على الفردي والمتوسط، كونها تحتاجه أكثر في إطار النزاع الداخلي المفتوح مع حركة «فتح»، وفي إطار مهمّة السيطرة وبسط النفوذ على كل أرجاء المخيم. وبالتالي فإنّ المشكلة تتركز في مخيم الرشيدية الواقع جنوب نهر الليطاني والقريب من الحدود اللبنانية. ففي هذا المخيم تمتلك «حماس» صواريخ ومدفعية وأسلحة مصنّفة ثقيلة، وهو ما يعني أنّ احتمال قيامها بأعمال شغب عبر الحدود تبقى قائمة عند كل مفترق. وتطبيقاً لقرار مجلس الوزراء اللبناني، فإنّ من المفترض أن تكون كل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني خالية من السلاح غير الشرعي قبل نهاية السنة الحالية. وهو ما ينطبق على مخيم الرشيدية. واستطراداً، إذا لم تتجاوب حركة «حماس» مع مشروع تسليم سلاحها الثقيل في الموعد المحدّد، يصبح من واجب الجيش اللبناني تطبيق مقررات مجلس الوزراء ولو بالقوة. وهنا تبرز دقة الوضع. فهل يراهن نتنياهو على حصول أخطاء تمنحه الذريعة لاستعادة لغة الحرب بنحو واسع؟ واستطراداً هل سيستغل أي أحداث تقع لتحقيق حلم السيطرة وصولاً إلى الليطاني، وفق الخريطة التي يحملها دائماً في جيبه؟ وهنا لا بدّ من تقييم جدّي لقرار التجديد لقوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» لمرّة واحدة وأخيرة.

وفي المحصلة، فإنّ نتنياهو الذي يرفض إنهاء الحرب وخصوصاً في لبنان، وسّع دائرة ضرباته في اتجاه قطر، وهو الذي ما برح يردّد أنّه يسعى لتغيير وجه المنطقة. طبعاً وسط تأييد حليفه دونالد ترامب ودعمه. لذلك لا بدّ من الحذر والكف عن التهور.

-----------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان والعالم العربي / نهاية الحرب لا تزال بعيدة

 

 

2025-09-15

دلالات:



حملة المهاجر إلى الله ورسوله تعلن بدء طلبات الحج 20254