الرئيسية / أخبار لبنان /مقالات /الرئيس عون والسير المستقيم بين الخطوط المتعرجة...

جريدة صيدونيانيوز.نت / الرئيس عون والسير المستقيم بين الخطوط المتعرجة...

 

Sidonianews.net

-----------------------

الجمهورية

جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة

يتصدّى رئيس الجمهورية جوزاف عون بصبر ورباطة جأش للتحدّيات التي تواجهه في سيره لإعادة بناء الدولة والإمساك بزمام الأمور، في ضوء المعطيات المستجدة على الأرض منذ 27 تشرين الثاني.

منذ إبرام إتفاق وقف إطلاق النار لم يبدر من الجانب اللبناني أي نشاط عسكري أو أمني، وأصبح الجيش بالتعاون مع قوات «اليونيفيل» سيّد الساحة في منطقة جنوب الليطاني، وصودرت مستودعات الأسلحة وعُثر على كثير منها وأُتلف بعضها وفُجّر، في حين أنّ إسرائيل واصلت طلعاتها الجوية وقتلت نحو 500 لبناني، متذرّعة بأنّهم مقاتلون في «حزب الله»، واحتلت 5 مواقع وأتبعتها بموقعين، وكانت ولا تزال في المرصاد لكل محاولة إعادة إعمار للبيوت والمحال المهدّمة، أو لبنى تحتية ومرافق عامة. إسرائيل تعتبر أنّها المنتصرة في حرب «الإسناد»، وأنّها هي التي تفرض شروطها وقانونها على قاعدة غالب ومغلوب، وأنّ على لبنان الرضوخ لإملاءاتها، مستندة إلى النتائج السياسية والميدانية لحروب سابقة على مستوى العالم والمنطقة. وأول ما تطلبه تل أبيب هو نزع سلاح «حزب الله» قبل الدخول في أي مفاوضة، على أن يتولّى ذلك الجيش اللبناني، كائنة ما تكون التبعات والتداعيات الداخلية، ولا تولي أهمية لتركيبة المجتمع اللبناني التعددية والمتنوعة، التي تضمن الشراكة الوطنية المتساوية بين مكونات الوطن في إطار ما يُسمّى «الديموقراطية التوافقية»، على ما وَرَد في البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بعد استقبال الرئيس عون للموفد الأميركي توم برّاك ونائبته مورغان أورتاغوس ووفد الكونغرس الأميركي في حضور السفيرة ليزا جونسون. وكان هناك تعليق خطير وقاسي النبرة حيال «حزب الله» للسيناتور ليندسي غراهام، يشي بأن لا تراجع لدى واشنطن في دعمها إسرائيل حتى القضاء على الحزب وتجريده نهائيا من قوته العسكرية، وتجفيف منابع تمويله.

ولكن مع الرئيس عون «روما من تحت» ليست مثل «روما من فوق». فهو مؤمن بحصرية السلاح بيد الدولة، وأن لا يعود الوضع الذي كان سائداً في السابق إلى تصدّر المشهد، ولا يمكن أن يعالج الموضوع مع الحزب بالإكراه، خشية من إنعكاساته على الارض. كما لا يريد لهذه الخشية أن تتخذ صفة الديمومة، وهذا ما يدفع إلى الخشية من أن تستكمل إسرائيل حربها واعتداءاتها تحت عنوان إستئصال «حزب الله» الذي يشكّل خطراً على أمنها، إضافة إلى كونه من أذرع إيران الأمنية على حدّ زعمها. وجاء تصريح مكتب رئاسة الحكومة الإسرائيلية الذي استبق توجّه برّاك واورتاغوس إلى بيروت، حول استعداد تل أبيب لـ«مساعدة الحكومة اللبنانية في موضوع حصر السلاح والتعاون معها لتحقيق هذا الهدف»، ولا يحتاج أي لبيب إلى إعمال الفكر ليتأكّد من أنّ إسرائيل تسعى إلى إشعال فتنة داخلية بالضغط السياسي والمعنوي لإدخال لبنان في مدار فتنة لا قدرة له على احتمالها.

إنّ الرئيس عون يقارب ملف حصر السلاح بيد الدولة الذي يعمل على تطبيقه من منطلق تعزيز الوحدة الداخلية وربط جميع المكونات اللبنانية بالشرعية اللبنانية، وليس المضي في نهج المكاسرة الذي يقود إلى نتائج لا تخدم الاستقرار والسلم ألاهلي.

في اختصار، إنّ الجانب الأميركي لم يتعهد للبنان بأي التزام يقوم به إلى جانب تل أبيب. معتبراً أنّ أمام لبنان فرصة تمتد إلى نهاية السنة الجارية لتنفيذ القرار الذي اتخذته حكومته. ولم يعط صورة واضحة عمّا بعد إذا تأخّرت بيروت عن تنفيذ ما وعدت به رسمياً.

في الحقيقة، إنّ لبنان في وضع أقل ما يُقال فيه انّه ملتبس وغامض المعالم، في ظل التصعيد الإسرائيلي ورفع السقوف إلى حدود لا يمكن مجاراتها والقبول بها. وفي سياق متصل، فإنّ الرئيس عون الذي لا يرى بوادر تحركات، ولا يشاطر تعليقات متشائمة حول الوضع على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، أكّد ويؤكّد حرصه على قيام أفضل العلاقات بين البلدين في إطار إحترام سيادة واستقلال كليهما. كما أبدى استعداده لحل كل المشكلات العالقة بين بيروت ودمشق بروح التعاون والتفاهم، بدءاً من ملف النازحين، وملف السجناء، وترسيم الحدود البرية والبحرية، وقضايا الترانزيت والتبادل الاقتصادي. ولكن لكل من لبنان وسوريا ملفات عالقة مع تل أبيب، لا يمكن الإقلال من خطورتها وتعقيداتها، وهذا ما يجعل الحل الشامل الموعود دونه مشقات، ولكنه غير مستحيل، ما يحتّم مزيداً من الانتظار.

على أنّ ما ينبغي رصده لتصبح الصورة أكثر وضوحا، هو ما يلوح في الأفق الدولي والإقليمي من مواجهة أو مهادنة محتملة بين كل من واشنطن، تل أبيب وإيران، وما تستطيع أن تحّركه من أذرع في المنطقة بعد الضربات القاسية والمتتابعة التي تلقتها.

الرئيس جوزاف عون يسعى إلى سير مستقيم بين الخطوط المتعرجة ليجنّب لبنان استحقاقات أشدّ خطورة، وهو كلما فكّ عقدة واجهته عقد، لكنه ماضٍ في خوض التحدّي....كان الله في عونه.

-----------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الرئيس عون والسير المستقيم بين الخطوط المتعرجة...

2025-08-27

دلالات: