الرئيسية / أخبار لبنان /مقالات /لماذا يخشى نصـ ر الله الحرب؟

جريدة صيدونيانيوز.نت / لماذا يخشى نصـ ر الله الحرب؟

 

Sidonianews.net

-------------------------

الكاتب: إيلين زغيب عيسى / موقع بيروت 24

تختلف الظروف اللبنانية الداخلية والظروف الاقليمية والدولية اليوم عن تلك التي كانت سائدة في العام 2006. وما “نجح” حزب الله في تحقيقه في حرب تموز قبل 17 عاماً، من الصعب جداً أن يتكرر مرّة أخرى. ويبدو أن الحزب مدرك تماماً لهذه المعادلة. ولذلك يتحاشى منذ اندلاع حرب غزّة توسيع الإطار، ويدرس حجم ضرباته في شكل دقيق.

فما الذي يجعل الحزب هذه المرّة حريصاً على عدم اتساع الحرب على الجبهة اللبنانية، بينما لم يكن الأمر كذلك في حرب تموز؟

في حزيران 2006 نفّذت الفصائل الفلسطينية في غزة عملية وُصفت بالنوعية، تحت اسم “الوهم المتبدّد” أسفرت عن مقتل جنديين اسرائيليين وأسر الجندي جلعاد شاليط. وقد شنت اسرائيل إثر ذلك عملية واسعة على القطاع. ولكن لم تتمكن من تحرير شاليط إلا بعد خمس سنوات في صفقة لتبادل الأسرى. وبعد أسبوعين تقريباً من عملية “الوهم المتبدّد”، أقدم “حزب الله” على أسر جنديين اسرائيليين في عملية على الحدود، ما دفع باسرائيل إلى شنّ حربها المدمّرة على لبنان.

اليوم، يفوق حجم عملية “طوفان الأقصى” بأشواط عملية 2006، من حيث نوعيتها وعدد القتلى والأسرى العسكريين والمدنيين وحجم الاختراق لبنية اسرائيل الاستخباراتية. ويفوق الرد الاسرائيلي من حيث العنف والشراسة بأشواط ايضا ًالرد حينذاك. وعلى رغم ذلك، يبدو “حزب الله” متوخياً الحذر الشديد في إقحام لبنان في حرب واسعة لأسباب كثيرة.

ليس من السهل على الحزب، وهو يرى حجم الدمار الهائل وعدد الضحايا الكبير جداً من المدنيين وإفراغ شمال غزّة من سكانه، أن يجعل التطورات تنزلق إلى سيناريو مشابه في لبنان. فالبلد أصلاً منهار اقتصادياً ومشلّع مؤسساتياً. فكيف اذا شُنّت عليه حرب كحرب غزّة؟

سيكتمل عندها الانهيار التام. لن تكون المستشفيات قادرة على مداواة الجرحى. ومن يدري، ربما يتعرّض بعضها للقصف على غرار ما يجري في غزة تحت حجج وجود أسلحة وما شابه. سيقفز سعر الدولار، وترتفع أسعار السلع أو نشهد نقصاً في المواد الغذائية والأدوية. وليس هناك اليوم من يمدّ لنا يد المساعدة من الدول الخليجية أو حتى من الدول الأوروبية. ولن يكون هناك من يعيد الإعمار على طريقة “شكراً قطر”.

وإذا حدث هذا السيناريو، فلن يبقى من مؤسسات الدولة المنهارة شيء يذكر. وعندها ستفرط من يد الحزب كل السلطة التي بناها على مدى سنوات، والتي تعزّزت في شكل كبير منذ ما بعد حرب 2006. وهو ليس في وارد إهدار كل ما عمل له وخسارة سطوته على البلد ومؤسساته، فقط من أجل دعم “حماس” والفلسطينيين.

كما أن الترسانة العسكرية الضخمة التي بناها ستُستهلك في هذه الحرب. ولن يكون ممكناً إعادة تكوينها بسهولة. صحيح أن لدى الحزب كميات كبيرة من الصواريخ التي ستُوجّه إلى اسرائيل، ولكن هناك مخاطرة بحدوث أضرار كبيرة في بنية الحزب العسكرية والتي يحتاج الآن للحفاظ عليها.

فورقة “حزب الله” هي الورقة الأثمن لدى ايران، وهي لا تريد المخاطرة بها عبر اندلاع حرب واسعة قد تتدخل فيها بوارج القوات الاميركية المنتشرة في البحر المتوسط. وبالتأكيد لا ترغب طهران في التفريط بسلاح الحزب من أجل الملف الفلسطيني، إنما تبغي التمسك به كقوة ردع تستعملها عندما تحتاج إليها في مفاوضاتها النووية أو في أي مفاوضات لاحقة ستحصل حول الشرق الأوسط، خصوصاً أن ايران حصلت على ما تريده حتى هذه اللحظة، وهو تحوّلها بعد عملية “حماس” إلى أحد اللاعبين الكبار، سواء في موضوع القضية الفلسطينية، أو عبر تمكّنها من وقف عمليات التطبيع بين اسرائيل والدول الخليجية، وأهمها المفاوضات التي كانت قد وصلت إلى مراحل متقدمة في موضوع التطبيع بين اسرائيل والمملكة العربية السعودية.

أمّا الخشية الكبرى لدى “حزب لله” فتكمن في تأثيرات الحرب على الوضع اللبناني الداخلي. إذ ستخرج أصوات كثيرة، خصوصا عند الأحزاب المسيحية، تحمّل الحزب المسؤولية عن الحرب، وترفض أن تتلقّى التبعات لقرار اتخذه فريق واحد من دون مشاورة الأطراف الأخرى. وربما يتدحرج ذلك إلى طرح موضوع السلاح من جديد على الطاولة، وربما أيضاً إلى حدوث تطورات داخلية غير محسوبة ليست في مصلحة الحزب.

----------------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / خاص :  لماذا يخشى نصـ ر الله الحرب؟

2023-11-17

دلالات: