الرئيسية / أخبار لبنان /إفتتاحيات صحف لبنان للعام 2022 /الأخبار: الترسيم البحري : بدء مرحلة التنفيذ...ملاحظات نقدية على مشروع الاتفاق؟...دفاعاً عن المقـ اومة؟

مناخ ايجابي لبناني مع ملاحظات... والجواب خلال يومين | الترسيم البحري: بدء مرحلة التنفيذ (أ ف ب - الأخبار) صيدونيانيوز.نت

جريدة صيدونيانيوز.نت / الأخبار: الترسيم البحري : بدء مرحلة التنفيذ...ملاحظات نقدية على مشروع الاتفاق؟...دفاعاً عن المقـ اومة؟

Sidonianews.net

-------------

الأخبار

طغت الإيجابية على تعليقات معلنة وغير معلنة في بيروت وتل أبيب حول مسودة الاتفاق المقترح من الولايات المتحدة لتحديد المناطق الاقتصادية الخاصة بالجانبين في البحر. ورغم إعلان الجانبين عن وجود ملاحظات على بعض ما ورد في المسوّدة، إلا أنه لم يبدُ حتى ليل أمس بوجود ما يمكن أن يعطل الموافقات المبدئية، التي يفترض أن تتحول خلال أيام إلى أوراق رسمية توضع في حوزة الأمم المتحدة ضمن إجراء بروتوكولي يختتم في الناقورة.

وبخلاف الانقسام الحاد في كيان الاحتلال حول الموقف من الاتفاق، لم تشهد بيروت تسريبات أو تصريحات تشي بوجود خلافات بين المسؤولين عن الملف. لكن المؤكد أن هناك نقاشاً جدياً على شكل الملاحظات. ويفترض أن يعقد الرؤساء الثلاثة اجتماعاً اليوم للبت في العناوين الرئيسية للموقف اللبناني قبل تحويله إلى ورقة ترسل إلى الجانب الأميركي خلال 48 ساعة كرد رسمي من الدولة اللبنانية.
ومنذ ساعات ما بعد ظهر أول من أمس، بدأت الفرق المتخصصة لدى الرؤساء الثلاثة، وكذلك لدى حزب الله، العمل على المسودة وترجمتها والتدقيق في نصوصها وفي الإحداثيات المرفقة معها وفي أدقّ التفاصيل. وجرت أكثر من ترجمة غير رسمية للمسودة لدرس النقاط ووضع الأسئلة والملاحظات التي تبادلتها بين الأطراف المعنية، على أن يصار إلى حسمها بصورة تمهيدية في اجتماع استشاري - تقني - عسكري ظهر اليوم في القصر الجمهوري بمشاركة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان ووفد عسكري بقيادة رئيس قسم الهيدروغرافيا في الجيش العقيد عفيف غيث.


وعند الثالثة يستقبل الرئيس ميشال عون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي لعقد خلوة، مع احتمال انضمام الفريق الاستشاري والتقني إليها لتقديم التصور الأولي الذي ستتم صياغته كرد لبنان على المقترح الأميركي قبل تثبيته وإرساله رسمياً إلى الولايات المتحدة خلال يومين على أبعد تقدير، ربطاً بمسار زمني يفضله الأميركيون، قبل انعقاد المجلس الوزاري المصغر في كيان الاحتلال الخميس المقبل لإقرار المسودة وإبلاغ الأميركيين بالجواب على ضوء الموقف اللبناني.
وقال مصدر رسمي إن هناك تفاصيل إضافية تتعلق بالجانب الشكلي على أن يتم الاتفاق على موعد يتوجه فيه الأطراف إلى الناقورة حيث يسلم لبنان وإسرائيل، كل على حدة، المسودة الموقعة إلى الأمم المتحدة في حضور ممثل عن الولايات المتحدة.
وبحسب المصدر الرسمي فإن لبنان كان واضحاً في أنه لا يتم توقيع معاهدة أو اتفاقية بين بلدين، وأن كل حديث عن ضرورة إحالة الاتفاق إلى مجلس النواب لإقراره ضمن قانون يشكل خرقاً لمبدأ مقاطعة التطبيع. وأكد أن لبنان كان حاسماً أمام الوسيط الأميركي بأنه لن يكون هناك توقيع لبناني على ورقة إلى جانب توقيع إسرائيلي، وأن لبنان سيرسل ما يتفق عليه في رسالة صادرة عن الجهات المعنية في لبنان إلى الأمم المتحدة، وهو ما يفترض أن يقوم به كيان الاحتلال.

مسودة الاتفاق
تقع مسودة الاتفاق التي اطلعت عليها «الأخبار» في عشر صفحات تتضمن مقدمة وخاتمة تعيدان التذكير بالمفاوضات منذ عام 2020 واتفاق الإطار، وجولات التفاوض في الناقورة وطلب تدخل الولايات المتحدة في إدارة التفاوض غير المباشر، كما تشتملان على الإحداثيات الخاصة بالنقاط المتعلقة بالخطوط أو البلوكات المفترض حسم تبعيتها في المنطقة الاقتصادية لكل من الطرفين، ومقترحات حول الرسائل المفترض أن يوقع عليها لبنان وإرسالها إلى الأمم المتحدة، وتؤكدان ضمانة الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتنفيذ البنود الواردة في الاتفاق.


أما الفقرات التي تهتم بالنقاط الرئيسية فتقع في 4 صفحات تضمّنت المواد التي تحسم بأن هذا الاتفاق ليسَ ترسيماً بقدر ما هو تفاهم يسمح للبنان بالتنقيب عن ثروته البحرية ضمن الحدود التي طالب بها، ولا تزال هناك نقاط عالقة يجري البحث بها في وقت لاحق، مع فصل الترسيم البري عن البحري. وبدأت المسودة بتحديث خط الإحداثيات (خطوط الطول والعرض) المتعلقة بالخط 23 الذي طالب به لبنان. وتنص المسودة على أن الحدود البحرية عند البرَ لأقصى نقطة شرقية من خط الحدود البرية يتم تحديدها في سياق آخر أو في وقت لاحق، أي أن المنطقة الآمنة التي تحدث عنها العدو (خط الطفافات) لا يشملها الاتفاق.
وتنص المسودة أن على أن يقدّم كل من طرفي النزاع لائحة بالإحداثيات الجغرافية الخاصة بالحدود البحرية ويجري إيداعها لدى الأمم المتحدة لتحل مكان الإحداثيات القديمة. وأن هذا الاتفاق بالنسبة للطرفين يعني حلاً عادلاً ودائماً للنزاع البحري بينهما.
أما في ما يتعلق بحقل قانا، فتشير المسودة إلى أن «هناك مكمناً نفطياً محتملاً غير محددة جدواه الاقتصادية موجود في البلوك رقم 9 من جهة لبنان و72 من جهة إسرائيل وهو بكامله للبنان»، وأن الطرف المشغل لأي حقوق من الجهة اللبنانية والمعنية بالاستثمار يجب أن تتألف من أكثر من شركة من الشركات الدولية الكبيرة على أن لا تكون خاضعة للعقوبات الأميركية أو مسجلّة في لبنان أو في إسرائيل.
وتؤكد المسودة أن لبنان لن يدفع أي مقابل مالي أو تعويض من حصته لإسرائيل، إذ إن الشركة المشغلة للبلوك رقم 9 أو حقل قانا هي من ستدير نقاشاً منفصلاً مع إسرائيل لتحديد التعويض الملائم للحقوق الاقتصادية لإسرائيل، بمعنى أن ما ستدفعه الشركة لن يكون من حصة أرباح لبنان.


كما تنص المسودة على أن إسرائيل لن تعترض على النشاطات في الجزء الجنوبي من حقل قانا مثل المناورات البحرية وأن الشركات لن تكون ملزمة بطلب الإذن للعمل في هذا الجزء الجيب الخارج عن الخط 23. كما أن إسرائيل لن تقوم بأي نشاط في المكامن الممتدة لهذا الحقل إذا كانَ هذا العمل يقتطع من الكمية المترسبة في المكمن الجنوبي.

الملاحظات وموقف الرؤساء
ومباشرة بعد تسلم الرؤساء الثلاثة نص المسودة أول من أمس، جرت اتصالات واسعة من بينها ما استهدف اطلاع قيادة حزب الله على التفاصيل للحصول على موقفه. وقد تبين أن هناك بعض التباين بين مساعدي الأطراف المعنية حيال بعض الأمور. إذ بخلاف ما سبق أن أبلغه الوسيط الأميركي للجانب اللبناني بأن الإحداثيات الواردة في المسودة هي نسخة عن تلك التي أرسلها لبنان إلى الأمم المتحدة، فإن دراسة أولية للخط من قبل أحد الاختصاصيين أظهرت احتمال بقاء نحو 1430 متراً مربعاً تحت الاحتلال، وهو ما قد يتطلب نقاشاً أو تصويباً.
وحول موقف الرؤساء الثلاثة من المسودة والاتفاق، علم أن الرئيس عون يبدي مرونة كبيرة ويتجه للموافقة الكاملة، بعد إبلاغ الجانب الأميركي الملاحظات الضرورية، وهو الموقف نفسه الذي سيتخذه الرئيس ميقاتي الذي لا يريد أن يظهر في صورة المعرقل، ويترك الأمر للرئيس بري الذي يؤكد على أهمية أن يكون الاتفاق من ضمن مندرجات اتفاق الإطار، وأنه حتى ولو وجدت ملاحظات من الضروري ذكرها، وقد يعلن موافقة مع إبداء التحفظ الذي لا يعطل الاتفاق سريعاً على الأمر. لكن بري قال إنه سيرفض بالمطلق أي اتفاق يطعن في السيادة اللبنانية الكاملة على المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر.

 

إسرائيل: إرباك وتسويق
في الجانب الإسرائيلي، تعمد مسؤول سياسي كبير كما اسمته وسائل الإعلام العبرية عرض تفاصيل الاتفاق أمام مجموعة من الصحافيين، محاولاً التركيز على «الإيجابيات»، وهو ما بدا رداً على الانتقادات الواسعة من جانب المعارضة. وبدا قرار التسريب في سياق محاولة من حكومة العدو لتسويق الاتفاق على أنه إنجاز أمني واقتصادي للعدو.

مسودة الاتفاق: 10 صفحات تثبت الحقوق واقتراحات الوثائق

ونقل موقع «واللا» عن المسؤول السياسي أن مستشار الأمن القومي إيال حولتا التقى بالوسيط الأميركي عاموس هوكشتين ثلاث مرات في الأسبوعين الماضيين للتأكد من أن مسودة الاتفاقية ستكون مقبولة لدى إسرائيل حتى قبل تسليمها إلى الأطراف الرسمية. وأشار إلى أن إسرائيل لم ترسل بعد رداً رسمياً إلى الولايات المتحدة بشأن مسودة الاتفاقية. لكنه شدد على أن الاقتراح الأميركي مقبول لدى رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس ورئيس الوزراء المناوب نفتالي بينيت.


وقال المسؤول إن النقاط الرئيسية للاتفاقية تشتمل على:
- تكون منصة غاز «كاريش» تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
- يتم بناء منصة حفر لبنانية في حقل قانا وتحصل إسرائيل من شركة «توتال إينرجي» على تعويضات مالية عن جزء الحقل الموجود في أراضيها.
- يتم ترسيم الحدود البحرية في الغالب على أساس الخط 23، ما يعني أن معظم الأراضي المتنازع عليها ستكون تحت السيطرة اللبنانية.
- أول 5 كيلومترات من الخط الحدودي سترتكز على «الخط الأمني» الإسرائيلي وهو خط «ضروري لإسرائيل من ناحية أمنية».
وقالت وسائل إعلام العدو إن الاتفاق سيكون ملزماً، وسيوضع لدى الأمم المتحدة بشكل يتم تثبيته بالقانون الدولي. وستقدم إدارة الولايات المتحدة ضماناتها لتنفيذه، وكذلك الحكومة الفرنسية التي تمتلك غالبية أسهم «توتال».
ونقلت وسائل إعلام العدو عن مسؤولين إسرائيليين أن تثبيت «خط الطفافات» مهم للغاية لأسباب أمنية لأنه «حتى اليوم كانت إسرائيل تتصرف داخله بشكل أحادي. هذه منطقة حساسة من الناحية الأمنية. والإقرار بها سيسمح لنا بالتعامل معها على أنها قطاع حدودي شمالي».

-------------

دفاعاً عن المقاومة
الأخبار:   ابراهيم الأمين  

في كل ملف يتعلّق بالصراع مع العدو الإسرائيلي، تتوجه الأنظار إلى المقاومة لمعرفة موقفها وما الذي تنوي القيام به في مواجهة الاستحقاقات الداهمة؟ وبمعزل عن الاختلافات اللبنانية ورفض قسم من اللبنانيين لها، كفكرة ودور، فإن الجميع، كما العدو نفسه، يتصرف بواقعية شديدة، نظراً إلى ما تملكه المقاومة من قوة يمكن أن تسهّل أو تعطل أي مشروع يتعلق بالتعامل مع قوات الاحتلال.

على مدى 12 سنة من المفاوضات غير المباشرة والوساطات الأميركية والدولية بين لبنان وكيان الاحتلال بشأن ملف الغاز والنفط في البحر، كان الجميع حريصاً على عدم تدخل المقاومة التي كانت على علم بما يفعله أهل الحكم وبما يمكن أن يحصلوا عليه بسبب الطريقة التي اعتمدوها لإدارة المفاوضات. لكنها لم تكن لتتدخل مباشرة في ملف راهن اللبنانيون جميعاً على أنه مصدر رزق يقيهم شر الجوع والعوز.
صحيح أن المقاومة لم تدن أركان الدولة الذين تفاوضوا ووافقوا على مشاريع خطوط بحرية لا تلبي حاجة لبنان، لكن الجميع يعرف أنها ترفض، من حيث المبدأ، أي تفاوض مع العدو. وهي أصلاً لا تعترف بالحدود معه.
 

ما حصل، ببساطة، أن الحصار الأميركي والغربي الذي اشتد على لبنان منذ وصول الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، عزّزته ضغوطات لمنع لبنان من العمل على تحصيل حقوقه في البحر. جرى ذلك على شكل مناورات قامت بها شركات التنقيب العالمية، والحديث عن حدود غير واضحة، ومنع استقدام أي شركة لا توافق عليها الولايات المتحدة وغير ذلك، في وقت كان العدو يعمل من دون توقف في الاستكشاف والتنقيب وصولاً إلى الحفر والاستعداد للاستخراج.
في ذروة الحصار، لم يكن ممكناً للبنان تحصيل أية موارد من دون الخضوع للطلبات والشروط الأميركية والغربية، وقد أُضيفت عليها شروط من السعودية وفريقها في المنطقة تتطابق مع ما يريده العدو. عند هذا الحد، لم يعد في مقدور المقاومة البقاء جانباً، ولم تعد تنفع الملاحظات داخل الغرف المغلقة، ولا الدفع باتجاه تسويات مع مسؤولين يخشون الأميركيين والغربيين طوال الوقت. لذلك، جاءت المبادرة برمي الحجر في البركة الراكدة ورفع الصوت، ليس لتحصيل حقوق لبنان فحسب بل لمنع العدو من تحصيل أي «حق» مفترض له في بحر فلسطين.
لكن إدارة المقاومة لهذه المعركة لم تكن انفعالية أو عشوائية. ومن لا يعرف، عليه أن يعرف، أنه عندما قررت المقاومة التدخل كانت قد تأكدت من جاهزيتها لمواجهة الأسوأ. لذلك، مع إعلان الموقف التحذيري للعدو، كانت المقاومة قد اتخذت قراراً هو الأضخم في تاريخها وفي تاريخ الصراع مع العدو، وجوهره أنها مستعدة للمباشرة، ابتداء، في عمليات عسكرية حتى ولو قادت إلى مواجهة شاملة تتجاوز المنطقة البحرية. وكانت تدرك أن العدو هو أول من سيفهم معنى هذا الكلام، وسيتصرف على أساسه، ما يجعل الوسطاء الغربيين يعدّلون في طريقة تعاملهم مع الملف، كما كانت المقاومة – ولو عن غير قصد – تستهدف القول للمسؤولين اللبنانيين إنه لا يمكن الموافقة كيفما كان على نتائج مفاوضات غير مدروسة حول الحقوق البحرية.


عندما قررت المقاومة التدخل كانت قد اتخذت القرار الأضخم في تاريخ الصراع بالمبادرة بعمليات عسكرية ولو قادت إلى مواجهة شاملة

ما حصل فعلياً، وهو ما ستظهره الأيام القليلة المقبلة، ومن حسن حظنا أن العدو سيساعد في تظهيره أكثر من اللبنانيين، هو أن تدخل المقاومة، وبالحدود التي تدخلت فيها، أمّن للبنان ما لم يكن ممكناً تأمينه بكل أنواع المفاوضات والتذلل للأميركيين والغربيين ولإسرائيل أيضاً.
على أن ما حصل ويحصل يجب أن لا يضع المقاومة تحت المساءلة الكيدية، خصوصاً تلك التي تصدر من أناس يريدون المزايدة على المقاومة وكأنها هي من قرر آليات العمل، أو كان في مقدورها تعطيل كل شيء وحرمان لبنان من فرصة كسر الحصار الغربي. وإذا كان في لبنان من لا يرغب في المن والسلوى إذا جاءا عن طريقها، فإن المستغرب تلك الأصوات التي تحاول الإيحاء بأن المقاومة توفر الغطاء للإقرار بحقوق للعدو.
صحيح أن أحداً لن يسمع الكلام الصريح التالي من قادة المقاومة، ولكن من المفيد الإشارة إليه:
- المقاومة ليست منزعجة من عدم حصول ترسيم نهائي وحاسم للحدود البحرية مع العدو، لأنها تعتبر أنه لا يمكن لها ولا يحق لها التفاوض على أرض تخص الشعب الفلسطيني الغائب عن هذه المفاوضات.


- المقاومة لا تنتظر ضمانات لا من الأمم المتحدة ولا من الوسيط الأميركي لتحصيل الحقوق وتنفيذ التفاهمات، بل تتكل على ما تملكه من عناصر قوة وقدرة على التدخل، شاء من شاء وأبى من أبى، لضمان كامل حقوق لبنان.
- المقاومة لا تريد مواجهات فولكلورية للاستهلاك السياسي الداخلي أو لعمليات تسويق مرتبطة بالانتخابات الرئاسية في لبنان أو خلافه، بل تريد أرضية تتيح الانطلاق في رحلة فك الحصار عن لبنان، وهو أمر سيحصل أكيداً، حتى ولو حاول الأميركيون ومعهم أوروبا التحايل عليه.
- المقاومة، لا تغطي أي خطأ يرتكبه أي طرف في لبنان أو خارجه في ما يتعلق بحقوق لبنان، ولا تلزم نفسها بما يتجاوز الإطار العام الذي يحفظ الحقوق، ومن قال إن لا وجود لضمانة بأن تلتزم أي حكومة إسرائيلية جديدة بالاتفاق، أو يعتقد أن تغييرات تجري في العالم أو في أميركا من شأنها تهديد الاتفاق، عليه معرفة أن المقاومة تملك بيدها من السحر والقوة ما يجعل الآخرين يلتزمون سمعاً وطاعة...
لذلك نثق بالمقاومة!

---------------

ملاحظات نقدية على مشروع الاتفاق
سياسة  الأخبار  الإثنين 3 تشرين الأول 2022

في لبنان برزت أصوات معترضة ومحذرة من الاتفاق معتبرة أن فيه تنازلاً عن مواقع سيادية للعدو. وينطلق أصحاب هذا الرأي من اعتبار الخط 29 هو الخط الفعلي الذي يضمن كامل حقوق لبنان. وقد أورد معترضون مجموعة ملاحظات يمكن اختصارها بالاتي:

أولاً: إن فصل التلازم بين الحدود البرية والحدود البحرية قد يجعل لبنان خاسراً لورقة قوة في الدفع صوب البدء بالترسيم البري وإيجاد حل للنقاط العالقة، خصوصاً أن المسودة الحالية تجعل النقاط البرية في موضع ملتبس، خصوصاً في ما يتعلق بنقطة رأس الناقورة ما يؤثر مستقبلاً في أي تعديل في خط الترسيم البحري، وأي محاولة لإجراء ترسيم بري كامل. كما ستبقى «الطفافات» في مكانها من دون أي تعديل، ما قد يتيح للعدو العودة إليها في أي وقت ويمنحه جزيرة أمنية مهمة.


ثانياً: وجود منطقة عازلة (أو آمنة) ضمن الاتفاق، تقع بين الخط «1» و الخط «23» ضمن النقاط الفاصلة عن البلوك «10». وفي ما يتعلق بحقل «قانا»، فقد جعلت المسودة الجزء الجنوبي منه الذي يقع جنوب الخط 23 تحت ما يسمى «السيادة الإسرائيلية» خلافاً لخزانه. علماً أن القانون الدولي يُعطي الحق لدولة ما في التأثير والحركة ضمن المناطق الواقعة تحت سيادتها.
ثالثا: إن حصر المسودة النقاش في حقل «قانا» من دون سواه، يجعل أي حقل يتم اكتشافه مستقبلاً في وضعية ملتبسة لعدم لحظه بمادة في الاتفاق. والمقصود تحديداً الحقول المحتملة مستقبلاً العابرة للخط 23 والتي تحمل نفس صفات حقل «قانا»، والتي تحتاج إلى ملحق لمعالجة وضعيتها. والملحق يعني مزيداً من التسويف والمماطلة. كما أن الإقرار بأن للعدو حقاً سيادياً في قسم من حقل قانا، يجعله حقلاً متنازعاً عليه. والعدو لم يقدم تنازلات حيال اعتبار الحقل لبنانياً كاملاً، إنما اعتبر أن مخزونه مشترك. ويعود لشركة «توتال» - بحسب الاتفاق - تعويض إسرائيل عن نسبتها فيه. ومن الواضح أن الجزء الجنوبي من «قانا» سيصبح منطلق ابتزاز إسرائيلي واضح للبنان، من خلال تهديد استمرار الأعمال فيه عند أي «مطب» سواء أمني أو غيره. وللتذكير، لا تلحظ مسودة الاتفاق أي تنظيم لعملية الحركة فيه، كقاعدة وقوف الحفارة أو السفينة أو عبورها الخط الحدودي على سبيل المثال. كما أن المسودة تركت أمر الحل النهائي لحقل «قانا» لكيان العدو و«توتال»، من دون أي تأثير للدولة اللبنانية، مما يجعل مصير ومستقبل الحقل مرهوناً بدولة عدوة وشركة أثبتت الوقائع السابقة خضوعها للتهديد والرغبة الأميركية بالكامل، ناهيك عن عدم قدرة الشركة من الحصول على ضمانات تتيح لها استمرارية العمل ضمن الحقل. وتجدر هنا الإشارة إلى وضعية حقل «أفروديت» بين قبرص وإسرائيل، والذي توقف العمل فيه منذ عام 2013، رغم العلاقات المميزة بين الطرفين، بسبب مطالبة تل أبيب بحصة أكبر في مخزونه.


رابعاً: يُشير نص الاتفاق الأساسي الموقع بين الدولة اللبنانية و«توتال» إلى أن الاخيرة ملتزمة حفر بئر واحدة في البلوك 9 (أي في حقل قانا) علماً أن عمليات الاستكشاف عادة ما تحتاج إلى أكثر من بئر لتقدير الكميات. وهذا يقود إلى ضرورة العودة إلى المباحثات مع الشركة، مما يجعل حقل «قانا» خارج وضعية العمل لمدة طويلة ريثما يتم التفاهم على الآليات. وبحسب المعلومات، فإن «توتال» لم تلحظ أي ميزانية للعمل في لبنان في مشاريعها لعام 2023. وفي حال تجاوزها للعقبات التقنية، فإنها تحتاج عملياً بين 6 إلى 9 أشهر لإنجاز تجهيز القاعدة اللوجستية والاتفاق والتعاقد مع الشركات التي ستتولى أعمال الحفر. وهذه الأخيرة تعمل وفق جدول أعمال على قاعدة المواعيد. حفر البئر الأولى يحتاج بين شهرين وثلاثة أشهر مع وصول الحفارة وبعد إنجاز العقد، وثمة احتمالات مطروحة بعدم العثور على «كميات اقتصادية» (ربطاً بحالة البلوك رقم 4). وتحتاج الشركة بين 9 و12 شهراً لإجراء عمليات تخمين للكميات المتوافرة (إن وجدت) بالإضافة إلى مدة غير معلومة لتحليل المعلومات. إذاً تحتاج «توتال» في حال كان المسار طبيعياً لعامين على الأقل للبدء في ورشة العمل الحقيقية.

----------------

إسرائيل تنقسم: خضوع لحزب الله أم رابح ــ رابح؟
سياسة  الأخبار -  الإثنين 3 تشرين الأول 2022

انتقلت الحكومة الإسرائيلية إلى مرحلة مناقشة التفاصيل النهائية لاتفاق الترسيم مع لبنان التي يُفترض أن تليها مصادقة المجلس الوزاري المصغر (في اجتماع مقرر لهذه الغاية الخميس المقبل)، في حال لم يطرأ أي عنصر مفاجئ.

يأتي ذلك مع دخول الكيان سجالاً سياسياً وقانونياً حول الاتفاق. رافضون يرون فيه خضوعاً لتهديدات حزب الله وتخلّياً عن ثروات كان يمكن أن تكون لإسرائيل، وفي مقدم هؤلاء رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الذي تعهّد عدم الالتزام باتفاق الترسيم في حال عاد إلى رئاسة الحكومة، متهماً حكومة يائير لابيد بالخضوع للتهديدات. وفي المقابل تيار سياسي يرى فيه إنجازاً ولو على قاعدة «رابح – رابح»، كونه يحفظ أمن إسرائيل وينزع من حزب الله الدافع لمهاجمة منشأة «كاريش»، ويوفر للكيان مكاسب اقتصادية، وعلى رأس هؤلاء رئيس الحكومة مدعوماً بموقف الأجهزة الأمنية التي ترى أن معادلة «منصة مقابل منصّة» توفر توازناً في الردع!


وفي هذا الإطار، أكد لابيد في مستهل جلسة الحكومة، أمس، أن الاقتراح الأميركي «يحافظ بشكل كامل على المصالح الأمنية السياسية لإسرائيل، وكذلك على مصالحنا الاقتصادية»، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول التوصل إلى صفقة كهذه «منذ عشر سنوات»، في محاولة للترويج بأن العقبة كانت من لبنان.
وكجزء من حملة التسويق، عمد لابيد إلى توضيح معالم «المكاسب» الإسرائيلية بالإشارة إلى أن «الأمن في الشمال سيتعزز، ومنصة كاريش ستعمل وستستخرج الغاز، والمال سيدخل إلى خزينة الدولة ويتم ضمان استقلال طاقتنا». وأضاف أن إسرائيل «لا تعارض تطوير حقل غاز لبناني آخر، نحصل منه بالطبع على العائدات التي نستحقها». وفي إقرار مبطن بالمخاوف من أن تتحول إيران إلى منقذ للبنان، والتدهور إلى حرب في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، أشار لابيد إلى أن حقل قانا «سيُضعف التعلق اللبناني بإيران، ويكبح حزب الله، ويجلب الاستقرار الإقليمي». وختم بأن اقتراح الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين هو الآن «قيد الدراسة القانونية، وبعد دراسته سنطرحه، بالتنسيق مع المستشارة القانونية للحكومة، للنقاش والمصادقة».
نتنياهو، من جهته، شن هجوماً قاسياً على رئيس الحكومة الذي «خضع بشكل مخجل» أمام تهديدات حزب الله عبر «تسليم مناطق ذات سيادة مع حقل غاز ضخم يخص مواطني إسرائيل». وتعهد بأنه «في حال مر هذا الاتفاق غير القانوني فإنه لن يكون ملزماً» له، في حال عودته إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقررة أول الشهر المقبل.


وسريعاً جاء رد لابيد ووزير الحرب بني غانتس على زعيم الليكود. إذ اتهمه الأول بالفشل في تحقيق هذا الاتفاق لمدة عشر سنوات، وطلب منه «عدم الإضرار بمصالح إسرائيل ومساعدة حزب الله». فيما ركز غانتس في رده على «الاعتبارات السياسية الداخلية التي تقود نتنياهو»، داعياً إياه إلى عدم عرقلة هذا المسار.
في السياق نفسه اعتبر الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، اللواء عاموس يادلين، أن الاتفاق يشكل ترجمة لمعادلة «رابح – رابح» التي تلتقي مع ما أورده لابيد أمام الحكومة من مكاسب وحصول لبنان على حقل قانا. وأوضح يادلين أن ربح لبنان وإسرائيل، ينبع من كونه يحقق المصالح المهمة لهما، خصوصاً أن «البديل عن ذلك غير مرغوب من قبلهما»، وهو مواجهة عسكرية واسعة وتدميرية للطرفين، في تعبير يعكس الجو العام في كيان العدو بأن عدم الاتفاق سيدفع حزب الله لشن ضربات عسكرية تؤدي إلى حرب واسعة.
واعتبر يادلين أن حزب الله «حصل على كل ما يريده في المفاوضات على الحدود البحرية. وحصل لبنان على الاعتراف بخط 23 وعلى إمكانية التنقيب في حقل قانا وعدم الاتفاق على النقطة البرية، إضافة إلى أن التنقيب عن الغاز واستخراجه يسمح له بتحسين وضعه الاقتصادي وربما أيضاً الخروج من حالة الإفلاس التي يعاني منها».
في السياق نفسه، كان لافتاً أن «الإنجازات» من الاتفاق التي ذكرتها مصادر في المؤسسة الأمنية لصحيفة «هآرتس» تتمحور كلها، بشكل مباشر أو غير مباشر، حول حزب الله. إذ رأت أن هذا الإنجاز سيسمح باستخراج الغاز قريباً من «كاريش» من دون عراقيل، في موقف يستبطن إقراراً مباشراً بأن من يمنع ذلك هو معادلة حزب الله. وأضافت المصادر نفسها أن حقل قانا هو عنصر حاسم للاقتصاد اللبناني ما يوفر توازن ردع ناجعاً لن يبادر حزب الله في ضوئه إلى استهداف منصة «كاريش» وبقية المنصات التي تقع جنوبه، في إشارة إلى أن العجز عن ردع حزب الله عسكرياً كان العامل الحاسم في دفع إسرائيل للموافقة على حصول لبنان على ما يطالب به من حقوق.


وقالت الجهات الأمنية أيضاً إنه« على المدى البعيد يوجد أمل بأن يسهم الاتفاق في إضعاف ارتباط لبنان بإيران في مجال الطاقة»، وهي القضية التي تحتل حيزاً مهماً في الخطاب الإسرائيلي الرسمي والإعلامي.
ويبدو واضحاً أن كل المقاربات التي تؤيد الاتفاق أو تعارضه تمحورت حول حزب الله، بين وصفه بأنه خضوع تام لحزب الله ومن يرى فيه ترجمة لمعادلة «رابح - رابح». لكن التدقيق يكشف أن كلا التفسيرين يعبّران عن حقيقة واحدة، وهي أن إسرائيل خضعت لمعادلة المقاومة حتى في الحديث عن إنجازات، من نوع أن الاتفاق يسمح باستخراج الغاز من دون عراقيل (حزب الله) وتجنب سيناريو مواجهة عسكرية (حزب الله) أو ردع يحمي المنشآت لاحقاً (حزب الله).

----------------

حسابات الربح والخسارة والفرص والتهديدات
سياسة  يحيى دبوق  الإثنين 3 تشرين الأول 2022

انتزع لبنان، من العدو الإسرائيلي وراعيه الأميركي، اتفاقاً على الحد البحري، في مواجهة ديبلوماسية - ردعية كانت محفوفة بالمخاطر وبإمكانات التصعيد الأمني. ونظراً إلى أهمية الإنجاز الذي يتجاوز البعد الاقتصادي والمالي للبنان، لينسحب على مجمل المعادلات القائمة بين الساحة اللبنانية - وربما الإقليمية - وبين الجانب الإسرائيلي، لا يمكن تجاهل عقبات يحتمل أن تظهر في اليوم الذي يلي التوقيع.

مع بلورة الاتفاق والتوجّه إلى إبرامه، يتجه الطرفان، تحديداً الإسرائيلي، إلى تسويقه، علماً أنه بدأ منذ الآن يواجه مزايدات وأخذاً ورداً على خلفيات اللعبة السياسية داخل الكيان عشية الانتخابات المقررة أول الشهر المقبل.
مع ذلك، فإن الرأي الحاكم للمؤسسة الأمنية في إسرائيل، الذي دفع إلى بلورة اتفاق أقل ما يقال إنه جاء نتيجة تراجع إسرائيلي عن شروط كانت صلبة جداً، هو أن المؤسسة الأمنية نفسها سترعى منع اختراقه والانسحاب منه بعد الانتخابات، أياً كانت هوية الفائز فيها.
ad

الإسرائيليون ممن يتابعون الإعلام العبري لا يعرفون بعد بنود الاتفاق وتفاصيله كما بلورها صاحب القرار في تل أبيب بمعية الوسيط الأميركي، ما يشير إلى أن حكومة العدو عادت وفعّلت الرقابة على الإعلاميين لعدم تناول هذه التفاصيل. لكن عملية التسويق بدأت مع تصريحات رأس الهرم السياسي، رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي عمل جاهداً على «تلميع» صورة الاتفاق شكلاً ومضموناً وتظهير ما فيه من فوائد مع إغفال أوجه الرضوخ الواضحة فيه، في حين عمل رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، على خلفية المزايدة الانتخابية، على تظهير صورة الخضوع كما هي، والتأكيد على أنه رضوخ كامل من إسرائيل لإرادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مؤكداً أن اتفاقاً كهذا لن يكون ملزماً له في حال فوزه في الانتخابات.
ورغم أن سجالاً كهذا يوحي بلا يقين إزاء مستقبل الاتفاق، إلا أن السجال الداخلي الإسرائيلي لا يلغيه ولا يحدّ من فاعليته، ويصعب تصوّر الانسحاب منه لاحقاً، لأكثر من سبب واعتبار لا تقتصر فقط على رأي المؤسسة الأمنية التي دفعت إليه لتجنّب مواجهة عسكرية.
في ميزان الربح والخسارة، وفي نظرة أولية، يظهر أن الجانبين رابحان ليس استناداً إلى بنود مسودة الاتفاق كما تبلورت أخيراً، بل من منطلق أنه جنّب الجانبين تصعيداً أمنياً كان من شأنه أن يتدحرج بسهولة إلى مواجهة واسعة. وهو ربح للجانبين قد لا يقارن نظرياً بأي خسارة. ويمكن لكل منهما ادعاء ما شاء، رغم أن كثيراً من الادعاءات مبالغ فيها، وكثيراً مما يقرّ به من خسائر يجري التقليل من شأنه. وهذه طبيعة أي اتفاق بين عدوين، خصوصاً مع عدو إسرائيلي يتمتع بتفوق عسكري وبتاريخ من الانتصارات على أعدائه، ويحرص على إنكار قوة الطرف الآخر التي أملت عليه رضوخاً لاتفاقات ما كان ليقدم عليها.


حصاد العدو
في الجانب الإسرائيلي، يمكن لقيادة العدو هناك التسويق لإنجاز تجنب خوض مواجهة عسكرية مع حزب الله ساحتها الأساسية المنشآت الغازية الإسرائيلية وبنيتها التحتية. وهذه من أهم النتائج التي استحصلت عليها إسرائيل في الاتفاق المتبلور، إذ إن العدو يعتقد أن الاتفاق يسحب هذا التهديد من نزاعات لاحقة تتعلق بالتنقيب عن الغاز واستخراجه من المنطقة الاقتصادية اللبنانية، في حال كان معرقل التنقيب طرف ثالث غير إسرائيل.
كما ينظر العدو براحة إلى أنه في حال تنفيذ الاتفاق، سيكون على طرفي الحد البحري «منصة هنا ومنصة هناك»، وهو ما يعد إسرائيلياً من الإنجازات التي تتيح لتل أبيب أن تردع حزب الله عن استهداف غازها، وإن كانت معادلة كهذه محلاً للتساؤل والتشكيك. كما يمكن لقيادة العدو الادعاء بأنها نجحت في التوصل إلى اتفاق مع لبنان من خلال مسيرة تفاوض ديبلوماسية، وإن بواسطة طرف ثالث، ما سيطرح في لبنان منطقاً مقابلاً لمنطق المقاومة، مفاده بأن التفاوض يعيد الحقوق، وهي ديباجة سيجري العمل على الترويج لها في لبنان وإسرائيل، رغم أن التفاوض تجاهل الحق اللبناني لأكثر من عقد، وكان ليستمر عقداً آخر من التفاوض بلا طائل، لولا تدخل المقاومة وتهديداتها.
في المقابل، سيرى العدو أن الاتفاق يمثل «ضعضعة» لاستراتيجية للحليف الأكبر، الولايات المتحدة، تجاه الساحة اللبنانية، ما يؤدي إلى تآكل الحصار الاقتصادي والمالي المفروض أميركياً على لبنان، عبر ما يتيحه الاتفاق من مكاسب اقتصادية للجانب اللبناني، وهو ما كانت أميركا وإسرائيل ترغبان بأن يكون رأس المقاومة والتطبيع ثمناً له.


قوة المقاومة وقدرتها ستدفعان المؤسسة الأمنية التي فرضت الاتفاق إلى «حمايته» في ظل أي حكومة مقبلة في إسرائيل

كما يدرك العدو جيداً أن ما جرى أعاد تثبيت الدور المركزي للعامل الأمني على طاولة القرار في تل أبيب، وهو يفوق في أهميته وتأثيراته العوامل الأخرى، سواء سياسية أو اقتصادية. فالخشية من الحرب، وإدراك أن لدى حزب الله القدرة والإرادة على خوضها، أعطت الأولوية للعامل الأمني على أي عوامل أخرى قد ترى في الاتفاق خسارة سياسية واقتصادية كبيرة يتعذر تعويضها. والعامل الأمني هو ما دفع المؤسسة الأمنية إلى فرض الاتفاق على المؤسسة السياسية الحالية، وسيدفعها إلى «حمايته» مع المؤسسة السياسية المقبلة. وما يفرض هذه المعادلة هو بقاء السبب على حاله: قدرة حزب الله المادية، وقراره باستخدام هذه القدرة.

حصاد لبنان
عملياً، يأتي الاتفاق ليزيل عقبة كبيرة كانت تحول دون استغلال لبنان لغازه والاستفادة منه. لكن الأهم هو أنه يثبت للبنان أن ما يمكن أن يتحصل عليه عبر استخدام قدرات المقاومة أكثر وأكبر مما يستحصل عليه عبر المفاوضات. كما بات واضحاً أن المقاومة حازت على سلاح جديد وهو سلاح التهديد وربما استهداف المنشآت الغازية الإسرائيلية في حال قام العدو بأي اعتداء على لبنان.


في المحصّلة، في التعليقات الإسرائيلية إقرار في أكثر من اتجاه: أن بناء الاتفاق جاء على خلفيات المصلحة الأمنية لإسرائيل، أي الحؤول دون تفعيل تهديدات حزب الله؛ وأن إسرائيل ستتمكن من استخراج الغاز من كاريش، ما يعني أنها لم تكن قادرة على استخراجه خلافاً لما ادعته وتطرفت في الإصرار عليه؛ وأنه أوجد ذخراً استراتيجياً مالياً للبنان، وهو الغاز، يكبح حزب الله عن الإضرار بإسرائيل خوفاً من رد فعلها ضد هذا الذخر.

جريدة صيدونيانيوز.نت

الأخبار: الترسيم البحري : بدء مرحلة التنفيذ...ملاحظات نقدية على مشروع الاتفاق؟...دفاعاً عن المقاومة؟

 

2022-10-03

دلالات: