الرئيسية / العالم العربي /أخبار عربية /مجلس الأمن يسقط في الغوطة ... والمئات ضحايا القصف والغارات والدمار

مجلس الأمن يسقط في الغوطة ... والمئات ضحايا القصف والغارات والدمار(عن المستقبل - رويترز) صيدونيانيوز.نت

جريدة صيدونيانيوز.نت / مجلس الأمن يسقط في الغوطة ... والمئات ضحايا القصف والغارات والدمار

جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار العالم العربي - سوريا / مجلس الأمن يسقط في الغوطة ... والمئات ضحايا القصف والغارات والدمار

حتى مجلس الأمن فشل في إصدار حبر على ورق يستنكر، كلامياً على الأقل، مسلسل الدم الذي تشهده الغوطة الشرقية حيث لم يتوقف نزف دماء أبنائها المحاصرين بلا رحمة منذ سنوات، وهم يخضعون في المنطقة القريبة من دمشق إلى سياسة «الأرض المحروقة» التي تدمر الحجر والبشر، من غير استثناء امرأة أو شيخ أو طفل رضيع.

دولياً، لم يؤثر الدم المسفوك لأكثر من 400 قتيل و2116 جريحاً منذ الأحد الماضي في حصيلة تتزايد مع دوران عقارب الساعة، في جمع كلمة الدول الكبرى على منع هذه المجزرة الوحشية التي تقوم بها المقاتلات الأسدية بلا شفقة ضد مدنيين عزل، فقد أعلنت روسيا حليفة الأسد أن «لا اتفاق» في مجلس الأمن على وقف لإطلاق النار في سوريا يستمر ثلاثين يوماً بهدف السماح بإيصال المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى.

وندد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا خلال جلسة للمجلس دعت إليها موسكو بـ«الخطب الكارثية» التي تذكر بما قاله أعضاء في المجلس خلال المعارك في مدينة حلب نهاية 2016 معتبراً أنها لا تنسجم مع الوضع على الأرض.

وأوضح نظيره السويدي أولوف سكوغ إثر الاجتماع أن المناقشات ستستمر، مبدياً أمله في طرح مشروع قرار أعدته بلاده والكويت على التصويت الجمعة، علماً أنه ينص على وقف لإطلاق النار يستمر شهراً.

ودانت الولايات المتحدة وفرنسا موقف روسيا الداعم للنظام السوري، وانتقد السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر «الهجمات على المستشفيات» و«الوضع الذي لا يمكن القبول به».

واعتبر الديبلوماسي الفرنسي أن «الوضع على الأرض ملح جداً» و«من الضروري أن يتم سريعاً تبني» مشروع القرار الذي يتفاوض في شأنه الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. وحذر أيضاً من «الأسوأ» ما يعني «اتساع النزاع».

وبعدما ألح على الرئيس الدوري لمجلس الأمن أن يمنحه أكثر من الدقائق الخمس المسموح بها لمداخلته، بدعم من نظيره الروسي، أكد المندوب السوري بشار الجعفري أن «مئات من الصواريخ وقذائف الهاون» سقطت الخميس على دمشق.

وأضاف في مداخلة استمرت عشرين دقيقة «نعم، ستصبح الغوطة الشرقية حلباً أخرى» موضحاً أن حلب اليوم «هي ملايين الناس الذين يعيشون في شكل طبيعي تماماً»، متوقعاً أن تصبح إدلب بدورها حلباً أخرى.

وينص مشروع القرار على وقف لإطلاق النار في سوريا يستمر شهراً للسماح خصوصاً بتخفيف الحصار عن الغوطة الشرقية والقيام بعمليات إجلاء إنسانية.

ولتجنب فيتو روسي خلال التصويت، وافق المفاوضون قبل أسبوع على أن تستثني هذه الهدنة تنظيمي داعش والقاعدة.

والخميس، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده مستعدة لوقف إطلاق النار شرط أن تشمل الاستثناءات أيضاً «المجموعات المتعاونة» مع التنظيمات المتطرفة و«التي تهاجم الأحياء السكنية» في أنحاء العاصمة السورية.

وفي الغوطة قُتل أكثر من 400 مدني بينهم نحو مئة طفل في خمسة أيام من الغارات الجوية والقصف الذي يشنه النظام السوري على المنطقة القريبة من دمشق وهي آخر معاقل الفصائل المعارضة هناك، بحسب ما أعلن المرصد السوري الخميس.

وأورد المرصد أنه منذ بدء حملة القصف والغارات على الغوطة الشرقية الأحد، قُتل 416 مدنياً بينهم 95 طفلاً.

وقتل 59 مدنياً على الأقل الخميس في غارات جوية وإطلاق صواريخ استهدفت العديد من بلدات الغوطة ومدنها وخصوصاً دوماً حيث قضى 37 شخصاً بحسب المرصد.

وفي مدينة دوما، شاهد مراسل فرانس برس متطوعين من الدفاع المدني يخرجون نساء جريحات من تحت الأنقاض. وأثناء انهماكهم بإنقاذ امرأة، استهدف القصف الجوي المنطقة، وتمكنوا من إخراجها لاحقاً لكنها كانت قد فارقت الحياة.

وفي مستشفى في مدينة دوما، شاهد المراسل رجلاً يبكي إلى جانب جثة ابنه في المشرحة وحوله جثث أخرى لفت جميعها بالقماش الأسود. وكان العجوز يردد باكياً «الحمد الله الحمد الله، إثنان، لم يكن لدي غيرهما، والآن انتهيا» في إشارة إلى إبنين فقدهما تباعاً في القصف.

وخلت مدينة دوما من الحركة في ظل انقطاع الكهرباء نتيجة انقطاع الأشرطة الكهربائية الخاصة بالمولدات.

ويفاقم التصعيد من معاناة المدنيين والكوادر الطبية التي تعمل بإمكانات محدودة نتيجة الحصار المُحكم منذ 2013.

وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود الخميس أن القصف الجوي والمدفعي أدى «لتهدم أو تدمير 13 مستشفى وعيادة تدعمها (...) بشكل منتظم أو بحسب الحاجة خلال ثلاثة أيام فقط من القصف المستمر».

وأفاد مراسلو فرانس برس وأطباء والمرصد عن استهداف مستشفيات عدة في دوما وحمورية وعربين وجسرين وسقبا، فضلاً عن مركز للدفاع المدني في دوما وغيرها من المرافق الطبية. وباتت مستشفيات عدة خارج الخدمة، فيما تعمل أخرى رغم الأضرار الكبيرة التي طاولتها. وأفادت الأمم المتحدة عن هجمات طاولت ستة مستشفيات.

وأوردت الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) أن ثلاثة أفراد من طاقمها الطبي العامل في الغوطة الشرقية قتلوا في القصف.

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسماح لها بدخول الغوطة الشرقية للمساعدة في علاج مئات الجرحى، وخصوصاً أن الكثيرين «يلقون حتفهم فقط بسبب عدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب».

في مستشفى في بلدة كفربطنا، وقف رجل عجوز غطاه الغبار والدماء يبكي مردداً «يا رب، يا رب»، إلى جانب طفل مصاب في رأسه ويده وبطنه، وقد بدا فاقداً للوعي فيما كان ممرض يصوره بواسطة الأشعة.

وقصفت الفصائل المعارضة بالقذائف مدينة دمشق، ما أسفر عن مقتل طفل وإصابة ستة آخرين بجروح، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية التابعة للنظام (سانا).

وقتل خلال الأيام السابقة 15 شخصاً وأصيب العشرات في دمشق جراء قذائف الفصائل.

ويتزامن التصعيد العسكري في الغوطة الشرقية مع تعزيزات لقوات النظام تُنذر بهجوم بري وشيك.

وأثارت حملة القصف احتجاجات دولية. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس الأربعاء بـ«تعليق فوري لكل الأعمال الحربية»، واصفاً الغوطة بـ«الجحيم على الأرض».

ووصفت ألمانيا ما يحصل بأنه «مجازر قتل الأطفال وتدمير المستشفيات»، وطالبت فرنسا بهدنة في أسرع وقت.

كما دعت الرياض النظام إلى «وقف العنف».

وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس إن المنازل في الغوطة الشرقية بلا غذاء ولا ماء ولا كهرباء في برد الشتاء، وإن 80 بالمئة من سكان حرستا يعيشون في أقبية تحت الأرض.

وقال دي ميستورا «لا بد من تجنب حدوث مذبحة لأن التاريخ سيحكم علينا». ودعا مجلس الأمن الدولي إلى التحرك.

وتحدث سكان في دوما كبرى مدن الغوطة عن أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من مناطق سكنية بعد تعرضها لقصف الطائرات من ارتفاعات شاهقة. وقال رجال الإنقاذ إن العمل جارٍ للبحث عن جثث وسط الأنقاض في مدينة سقبا وبلدات أخرى.

ويقول العاملون في مجال الإغاثة وسكان إن طائرات الهليكوبتر التابعة لجيش الأسد تلقي براميل متفجرة على أسواق ومراكز طبية.

ويقول سكان ومقاتلون معارضون في الغوطة الشرقية إن طائرات روسية شاركت في الهجوم. ويقول السوريون إنه يمكنهم التعرف على الطائرات الروسية لأنها عادة ما تحلق على ارتفاعات أعلى من طائرات سلاح الجو السوري.

ويقول سكان وشخصيات معارضة إن الحكومة السورية وحلفاءها يتعمدون تدمير البنية التحتية وشل الحياة في ما يصفونه بسياسة «الأرض المحروقة» لإرغام المعارضة على الاستسلام.

وقالت سارة كيّالي، وهي باحثة مختصة بشؤون سوريا في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، لرويترز في جنيف إن الوضع في الغوطة الشرقية يتدهور «بمعدل متسارع» بمقتل أكثر من 250 مدنياً في الساعات الثماني والأربعين الماضية. وأضافت «الشهود الذين تحدثنا إليهم من الميدان يقولون إنها ’تمطر بالقنابل’».

وقال روبرت مارديني المدير الإقليمي للشرق الأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن اللجنة مستعدة لتقديم رعاية طبية عاجلة في الجيب وتنفيذ عمليات إجلاء للمصابين بمجرد توافر الظروف التي تسمح بذلك.

وقال لرويترز في إفادة إعلامية في بيروت «نحتاج للحصول على موافقة من كل الأطراف للقيام بعملنا. لدينا قافلة جاهزة لنرسلها للغوطة الشرقية... بمجرد أن تخف حدة القتال».

وفي شمال سوريا حيث بدأت تركيا هجوماً الشهر الماضي على فصيل كردي قال الأكراد إن المقاتلين الموالين للنظام ينتشرون الآن على الخطوط الأمامية للمساعدة في صد الهجوم التركي لكن قد يتطلب الأمر مساعدات من جيش الأسد نفسه.

وكانت وحدات حماية الشعب، المتحالفة مع الولايات المتحدة في مناطق أخرى من سوريا، قد سعت في الأيام القليلة الماضية للحصول على مساعدة من النظام السوري للتصدي للهجوم التركي. ويجسد ذلك التحالفات غير المتوقعة التي نجمت عن صراع متعدد الأطراف شاركت فيه دول مجاورة وقوى عالمية.

(أ ف ب، رويترز)

2018-02-23

دلالات: