جريدة صيدونيانيوز.نت / النهار: استحقاقات 2026 تتزاحم: حرب أو لا حرب؟! سلاح فتح للدولة ودلالات هدية اليوم الأخير؟
Sidonianews.net
------------
النهار
يودّع لبنان اليوم السنة 2025 ويستقبل السنة 2026 بواقع شديد الهشاشة، لا يزال توازنه مختلاً على معظم مسارات إعادة تقوية الدولة وإنعاش الاقتصاد ووضع الأزمات الكبرى على طريق الحلول الجذرية، بما يبقي كفة الشكوك والمخاوف راجحة على كفة الاحتمالات الإيجابية لمسالك العبور إلى الدولة الكاملة المعايير. وإذا كانت السنة الراحلة شكّلت لبنانياً سنة حصرية السلاح أو نزع السلاح كاستحقاق عريض كبير شغل معظم الاهتمامات الرسمية والسياسية والأمنية والعسكرية، وكان ولا يزال الباب العريض الذي انخرط فيه العالم الخارجي المعني بلبنان مع السلطات اللبنانية والقوى السياسية الداخلية، فإن هذه الحقيقة شكّلت في المقابل العنوان الملاصق لكون السنة الراحلة كانت أيضاً سنة استنزاف حربي طويل المدى، دأبت خلاله إسرائيل على المضي قدماً في مطاردة حربية لـ"حزب الله" وكوادره ومناطق ترسانته المتبقية وبيئته الشعبية، فيما لم يقدم الحزب إطلاقاً على التسليم بحصرية السلاح للدولة اللبنانية كمسلك وحيد لا مفرّ منه لإنقاذ نفسه وبيئته ولبنان من المنهج الحربي الإسرائيلي غير الارتدادي، الذي يحظى بغطاء أميركي خصوصاً ومن العديد من الدول أيضاً حتى الساعة. ولعلها كانت مبادرة إيجابية وتحمل دلالات واضحة أن أقدمت حركة فتح أمس على تقديم الدفعة الخامسة من سلاح المخيمات إلى الجيش، في رسالة برسم كل المعاندين لحصرية السلاح.
يجتاز لبنان الممر الانتقالي بين السنتين وهو يقف عند مفترق تحديات واستحقاقات لا تزال تتّسم بطابع الخطورة، ولو أنه يسجل له أنه شهد اختراقات وصف بعضها بالتاريخي في السنة الراحلة، ولا سيما منها قرارات حصر السلاح والاتجاه إلى المفاوضات مع إسرائيل عبر لجنة الميكانيزم، لتجنيب لبنان تجرّع أكلاف مدمرة جديدة لحرب تهوّل بها إسرائيل على مدار الساعات. سيواجه لبنان من اللحظة الأولى للسنة الجديدة السؤال الكبير، عما إذا كانت "قمة فلوريدا" شكلت ما يخشاه كثيرون من منح ضوء أميركي اخضر لإسرائيل بتوسيع حملاتها الحربية في لبنان أم لا، في ظل الغموض الشديد الباعث على مزيد من القلق، والذي ظهر في تناول الملف اللبناني عبوراً وبسرعة على لسان الرئيس الأميركي. ولا تقف الاستحقاقات اللبنانية الملحة والضاغطة على ملفي نزع السلاح والوضع مع إسرائيل، بل تسابقت في اللحظات الأخيرة من السنة الراحلة عناوين كبيرة لهذه الاستحقاقات، وكان أشدّها إثارة للصخب والعواصف السياسية والاقتصادية والمالية ملف الفجوة المالية الذي احدث شرخاً حكومياً علنياً غير مسبوق، وصار الآن في حكم الانتقال إلى القوانين المفصلية العالقة أمام مجلس النواب. كما يتسابق معهما استحقاق الانتخابات النيابية الذي سيشكّل أحد الاستحقاقات – النجوم، أو بالأحرى أحد نجوم التحديات الكبيرة العالق راهناً على مصير المبارزة السياسية الشرسة التي تخوضها قوى عديدة تتقدمها "القوات اللبنانية" مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يقفل العام على واقعة معاندته ومناكفته لقوى الأكثرية، إلى حدود تحملّه النسبة الأكبر من تبعات حرمان المغتربين من حقهم في الانتخاب من أماكن انتشارهم. وقد يكون من الصعب للغاية تعداد سجل التحديات الكبيرة والصغيرة في كل المجالات اللبنانية، نظراً إلى ازدحامها المزمن والمحدّث سواء بسواء، ولكن أمام السنة الجديدة لا يملك اللبنانيون إلا افضل ما في طبائعهم وهو القدرة الخلاقة على الإيمان بصمودهم كطريق إلى الأمل المفتوح في أن يقوى لبنان على جلاديه.
وبالعودة إلى وقائع المشهد اللبناني في آخر ساعاته قبل استقبال السنة الجديدة، لم يخرج اللبنانيون بحق أو باطل واضحين من اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ لدى سؤاله، هل على إسرائيل أن تهاجم "حزب الله" بعدما حصل إخفاق في اتفاق وقف الأعمال العدائية، قال ترامب: "سنرى ذلك، الحكومة اللبنانية في وضع غير موآتٍ بعض الشيء، و"حزب الله" يتصرف بشكل سيّء. سنرى ماذا سيحدث".
غير أن التطور الإيجابي في ملف حصر السلاح، بنسخته الفلسطينية ، جاء عبر إعلان مدير دائرة العلاقات العامة والإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان المقدم عبد الهادي الأسدي، أن "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" استكملت أمس تسليم الدفعة الخامسة من السلاح الثقيل التابع لمنظمة التحرير الفلسطينيه، وذلك في مخيم عين الحلوة– صيدا. وأصدرت قيادة الجيش بياناً أعلنت فيه أنه "استكمالًا لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تسلَّمَ الجيش كمية من السلاح الفلسطيني من مخيم عين الحلوة، بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية. وشملت هذه العملية أنواعًا مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها".
وفي السياق نفسه، أعلنت لجنة الحوار اللبناني– الفلسطيني استكمال المرحلة الخامسة من عملية تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية. وقالت إن "هذه العملية تشكّل محطة إضافية في المسار المتدرّج الهادف إلى إنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل. ويأتي هذا المسار استنادًا إلى ثوابت الدولة اللبنانية التي جرى التأكيد عليها في خطاب القسم، والبيان الوزاري للحكومة اللبنانية، وقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 5 آب 2025، وكذلك البيان الرئاسي المشترك الصادر في 21 أيار، والذي شدّد على سيادة الدولة اللبنانية الكاملة، وحصرية السلاح بيدها، ووجوب إنهاء ملف السلاح الفلسطيني خارج إطار الشرعية". وأكدت اللجنة "أن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات بات يشكّل عبئًا على الفلسطينيين كما على اللبنانيين، ولم يعد عنصر حماية، بل عامل توتر يضر بالمخيمات ومحيطها ويعيق تحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية. وانطلاقًا من ذلك، تشدّد اللجنة على أن هذا المسار يشكّل مدخلًا أساسيًا لترسيخ الأمن والاستقرار، وتُجدّد التزامها باستمرار عملية تسليم السلاح وفق الخطة المعتمدة حتى إنهاء هذا الملف بالكامل، بما يكرّس سيادة الدولة اللبنانية. كما وتُجدّد لجنة الحوار اللبناني– الفلسطيني إيمانها الراسخ بالحوار والتواصل مع جميع القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية، غير أن اللجنة تلفت إلى أن هذا التوجه لا يمكن أن يتحوّل إلى غطاء للمماطلة أو تأجيل الالتزامات. وعليه، تؤكد أن القوى الفلسطينية التي تعلن التزامها بسقف الدولة اللبنانية مطالبة بالانتقال من المواقف المعلنة إلى التنفيذ العملي، إذ إن احترام السيادة لا يكون شكليًا أو انتقائيًا، بل يقتضي الامتثال الواضح لقرارات الدولة والبدء الفوري بتسليم السلاح دون شروط أو ذرائع، عبر التنسيق المباشر مع الجيش اللبناني، أسوة بما قامت به منظمة التحرير الفلسطينية".
إلى ذلك، بقيت قضية قانون الفجوة المالية الذي أحيل على مجلس النواب في واجهة المشهد الداخلي. وفي هذا السياق، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس في عين التينة رئيس الحكومة نواف سلام، حيث جرى عرض للأوضاع العامة. بعد اللقاء، غادر سلام من دون الإدلاء بتصريح.
في السياق، استقبل سلام وفداً من رابطة المودعين قدم ملاحظات على مشروع الحكومة، وأوضح أن هذه الاعتراضات "تختلف عما تريده جمعية المصارف وعن اللوبي الذي كان يضغط عليه، ونحن نريد حماية الذهب كثروة وطنية، وجمعية المصارف تريد تسييل عشرة مليارات من الذهب لتعويض خسائرها". وأعلن الوفد، "نحن نريد تدقيقاً جنائياً ومحاسبة وهذه النقاط أدرجت في بنود مشروع الحكومة الذي صدر بعد جهود وتواصل مع رئاسة الحكومة مشكورة، وفي المقابل، إن جمعية المصارف لا تريد تدقيقاً جنائياً ولا محاسبة، ونحن نريد إنصافاً للمودعين تحت المئة ألف دولار وفوق المئة ألف دولار لتحسين حصولهم على ودائعهم بأفضل قيمة ممكنة"، معتبراً أن "المصارف تتاجر بوجع المودعين لنسف الخطة".
-----------
جريدة صيدونيانيوز.نت
النهار: استحقاقات 2026 تتزاحم: حرب أو لا حرب؟! سلاح فتح للدولة ودلالات هدية اليوم الأخير؟