https://www.sidonianews.net/article332680 /الحزب ... خياراتُ المحاربِ الأخير
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / الحزب ... خياراتُ المحاربِ الأخير

 

Sidonianews.net

-----------------------

الجمهورية / طوني عيسى

على الأرجح، اقتربت لحظة الخيارات في لبنان، خصوصاً بعد الرسالة القاسية التي وجّهتها إسرائيل بهجومها على المنشآت الهندسية المدنية في المصيلح (الواقعة شمال الليطاني لا جنوبه) ومفادها: لا تفكروا في إعمار ما تهدّم، ولو حصلتم على المال اللازم. سنحبط محاولاتكم ونعيدكم إلى الصفر... إلى أن تلتزموا البرنامج: نزع سلاح «حزب الله» والدخول في مفاوضات جدّية حول ترتيبات الأمن والحدود. ومن دون ذلك، نحن باقون في النقاط التي نسيطر عليها ونتوسع، وضرباتنا متواصلة في أي مكان من لبنان.

مشكلة لبنان الأساسية ليست مع إسرائيل فقط، بل خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية التي تنحاز إليها بقوة ووضوح وتدعم تفسيراتها لاتفاق وقف النار وتبرر شروطها. بل إنّ واشنطن تضطلع بدور الشريك لها في ممارسة الضغوط على لبنان: هي تتولّى الشق السياسي وتترك لإسرائيل أن تستكمل الضغط بالشق العسكري. وما تريده واشنطن من لبنان الرسمي، بعدما ضعف تأثير «حزب الله» في الحكومة، أن يتخلّى عن تحفظاته القديمة ويوافق على مفاوضات «حقيقية» مع إسرائيل، تخرج من الإطار العسكري الضيّق وغير المباشر الجاري تقليدياً في الناقورة.

هذه الضغوط أوصلها إلى لبنان تباعاً مورغان أورتاغوس وتوم برّاك، اللذان يعبّران في كل مناسبة عن خيبتهما من تجربة التعاطي مع الحكومة اللبنانية. والأرجح أنّ الكلام الإيجابي الذي قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، عن الحكومة اللبنانية «التي تقوم بعمل جيد هو نزع سلاح «حزب الله»، لا يعبّر عن دقة الموقف الأميركي بمقدار ما هو كلام مجاملة من النوع الذي يرميه ترامب عادةً، ليسارع إلى قول ما يعاكسه.

بعد دخول غزة مرحلة جديدة، بدأ الوقت ينفد في بيروت، لأنّ الأميركيين والإسرائيليين سيجدون أنّ لبنان بات الجبهة الوحيدة غير المحسومة، بين الجبهات التي تحرّكها إيران وحلفاؤها على حدود إسرائيل. وبالنسبة إلى طهران، يشكّل إسقاط بندقية «حماس» نهائياً خسارة جبهة رئيسية وموقع استراتيجي لا يُعوّض. ومعه أصبح «حزب الله» الذراع المسلحة الوحيدة المتبقية لإيران على حدود إسرائيل. ولذلك، بديهي أن يكون هو الهدف التالي والأكثر إلحاحاً لإسرائيل والولايات المتحدة. ​و«الحزب» نفسه يتوقع أن يتضاعف الضغط الدولي، الأميركي خصوصاً، وفي شكل غير مسبوق، لدفعه إلى الرضوخ. كما أنّ الحكومة اللبنانية بدأت تعيش مناخ ضغط متعاظم، سياسي وعسكري واقتصادي، بهدف انتزاع قرار حازم منها.

ويقول بعض المطلعين إنّ هدف واشنطن هو إخراج لبنان من وضعية اعتاد عليها، وفيها يعتبر التواصل السياسي مع إسرائيل أمراً محظوراً، إلى وضعية القبول بهذا التواصل كما تفعل الحكومة السورية الجديدة. لكن الواضح أنّ هذا التواصل سيبقى مستحيلاً ليس مع لبنان فحسب، بل مع كل المحور الحليف لإيران، إلّا إذا قرّرت هي تغيير هذا الواقع.

وفيما تطلق إسرائيل حربها على الإعمار، وتجعل من سلاح «الحزب» عقاباً جماعياً مدمّراً في الجنوب، يحتفل الحلفاء في غزة باتفاق وقف النار، برعاية عربية وإقليمية ودولية مكثفة. وهذا يعني أنّ الحليف الذي من أجله أشعل «الحزب» حرباً ضارية مدمّرة، ذهب اليوم إلى التسوية، تاركاً حليفه اللبناني بلا مساندة، ولا حتى في السياسة.

وهذا ما جعل «حزب الله» في خضم معادلة خطرة ربما يحاول كسرها باستعراض القوة على الأرض أو بالمناورات السياسية، لكنه يواجه إما خيار اندلاع حرب شاملة في الجنوب، قد لا تُبقي حجراً على حجر، وإما خيار القبول بشروط نزع السلاح وفق آلية يتمّ انتقاؤها في شكل غير استفزازي. لكن هذا سيكون في أي حال نوعاً من الرضوخ غير المباشر.

ولكن، ما الذي يريده الإسرائيليون فعلاً من لبنان و«حزب الله» حالياً؟ الواضح أنّ إسرائيل تتعاطى مع كل الجبهات التي تخوض فيها المواجهات وفق استراتيجية واحدة تقوم على مرتكزات ثلاثة:

1- إبعاد مخاطر السلاح والجماعات التي تشكّل تهديداً على الحدود وفي الداخل، من خلال تدمير كل الترسانات القادرة على تشكيل خطر عليها. وهذا ما فعلته في لبنان وغزة خلال الحرب وفي سوريا بعد سقوط الأسد.

2- إخضاع حكومات الدول المجاورة لشروطها سياسياً وأمنياً، واقتصادياً على الأرجح.

3- اللعب على التناقضات الداخلية في هذه الدول. ففي غزة، هي تفك الارتباط بين فلسطينيي القطاع وفلسطينيي الضفة وسلطة الحكم الذاتي. وفي سوريا هي تشجع على تظهير حضور الدروز والأكراد، وتمنحهم الدعم للانفصال ربما. وهذا العامل عطّل الاتفاق الذي كان منتظراً توقيعه بين إسرائيل وسوريا على هامش أعمال الأمم المتحدة في نيويورك.

في ضوء هذا كله، ما الذي ينتظر لبنان؟

واضح أنّ كل ما تفعله إسرائيل على جبهة معينة تقوم لاحقاً بتعميمه على الجبهات الأخرى. ولذلك، المنتظر إذاً، في سوريا ولبنان، هو توقيع اتفاقات مع إسرائيل كتلك التي تمّ توقيعها في غزة. لكن الاتفاقات لا تأتي في العادة «على البارد»، بل تمهّد لها نار المعارك.

وكذلك، يُنتظر أن تفعل إسرائيل في لبنان ما تفعله في سوريا. وفي عبارة أخرى، الجنوبان اللبناني والسوري سيكونان بمثابة شمال واحد لإسرائيل، وسيتمّ التعاطي معهما كبقعة أمنية واحدة. وهذا الأمر يجب أن يستدعي كثيراً من اليقظة لدى الحكومة اللبنانية، لأنّ خلفياته قد تكون خطرة جداً، بل ربما تهدّد الكيان اللبناني.

-----------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / الحزب ... خياراتُ المحاربِ الأخير


www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://www.sidonianews.net/article332680 /الحزب ... خياراتُ المحاربِ الأخير