جريدة صيدونيانيوز.نت / نداء الوطن : تحرير البيطار جوًا هل يفرج عن القرار الاتهامي؟ |غياب استراتيجية تفاوض واضحة يحمّل السفير كرم عبئًا كبيرًا؟ | إقامة منطقة عازلة شمال الحدود مرفوض|
Sidonianews.net
-----------
نداء الوطن
على تخوم مرحلةٍ إقليمية تتشكل من جديد، يقف لبنان أمام التحوّلات المتسارعة ببطء في معالجة ملفاته الثقيلة والتي تجعل الخيارات أمام اللبنانيين ضيّقة إلى حدّ الاختناق.
الحركة الدبلوماسية النشطة باتجاه بيروت، تظهر وكأن المجتمع الدولي يسابق الوقت لتجنيب لبنان تداعيات أي توسّع للحرب، باعتبار أن الجانب الإسرائيلي يفصل تمامًا بين المسارين التفاوضي والعسكري.
وفي انتظار ما سيرشح عن لقاءات السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى برئيس مجلس النواب نبيه بري، تتجه الأنظار إلى 3 استحقاقات لربما تعيد خلط الأوراق ليعود لبنان إلى سكة السيادة والالتزام.
الاستحقاق الأول في 18 الجاري، الاجتماع التحضيري لعقد مؤتمر دعم الجيش مطلع العام المقبل، بحضور فرنسي أميركي سعودي وقائد الجيش رودولف هيكل.
الاستحقاق الثاني في 19 الجاري، حيث تستعيد "الميكانيزم" دورها كمنصة سياسية أساسية، مع المشاركة الثانية للسفير سيمون كرم ممثلًا لبنان في اجتماعاتها.
الاستحقاق الثالث في 29 الجاري، إذ تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض حيث سيُعقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط معطيات تشير إلى أن الملف اللبناني سيكون على الطاولة.
في الانتظار، يبدو أن الطريق السالك بين عوكر وعين التينة للمرة الثانية في أسبوع واحد، قد يصطدم بإمعان "حزب الله" في توريط لبنان بحرب جديدة غير آبه لجدية التصعيد الإسرائيلي المرجح مطلع العام خاصة بعد إعلان هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي أعدّ خلال الأسابيع الماضية خطة هجومية واسعة ضد أهداف "حزب الله" في لبنان.
إقامة منطقة عازلة شمال الحدود مرفوض
وفي هذا السياق، يحاول السفير عيسى إقناع الرئيس بري بضرورة تأمين مصالح الطائفة الشيعية في لبنان بعد مرحلة "حزب الله". وقد علمت "نداء الوطن" من مصادر أميركية مواكبة للقاء، أن برّي لا يمانع في التوصل إلى اتفاق سلام، لكنه غير مطمئن للوعود الأميركية، وقد اشترط على عيسى اعلانًا اسرائيليًا لوقف العدوان على لبنان كمدخل وحيد لتوسيع الوفد المفاوض، وإشراك شيعيّ وسنيّ ودرزيّ إلى جانب السفير سيمون كرم لإضفاء إجماع وطني على خطوات السلام مع إسرائيل.
وفي السياق قال مصدر سياسي لـ "نداء الوطن" إن "لبنان بدا وكأنه يشتري الوقت في ملف حصرية السلاح، لكن هذا الهامش لم يعد مفتوحًا كما كان، خصوصًا بعد انتقال الوفد اللبناني في اجتماعات "الميكانيزم" إلى وفد برئاسة دبلوماسي هو السفير سيمون كرم، وهذا التحوّل، رغم ما يعكسه من محاولة لإظهار مرونة سياسية وتقنية، يجعل خفض التصعيد محكومًا بسقف محدّد، لأن استمرار الأداء اللبناني بالصيغ نفسها من دون تغيير جوهري سيُبقي احتمالات الانزلاق إلى سيناريوات خطيرة قائمة، وربما أقرب مما يعتقد كثيرون".
وأكد المصدر أن "الطرح الإسرائيلي بإقامة منطقة عازلة شمال الحدود مرفوض رسميًا وشعبيًا ووطنيًا، ولبنان لا يمكن أن يقبل بأي صيغة تمسّ بسيادته أو تعيد إنتاج واقع احتلالي جديد بوسائل مختلفة، لا سيما أن الظروف الداخلية مهما بلغت صعوبتها لا تجعل البلاد في وارد منح إسرائيل مكاسب سياسية أو أمنية، والتعاطي الدولي مع هذه المسألة يضع لبنان أمام اختبار إضافي حول قدرته على تثبيت موقف متماسك رغم الضغوط".
وأشار المصدر إلى أن "المشكلة الأعمق تكمن في غياب استراتيجية تفاوض واضحة، فلبنان يدخل الاجتماعات الأساسية بلا إطار موحّد أو خطة مكتملة لمحاكاة الوضع القائم أو استشراف مآلاته، ما يحمّل السفير كرم عبئًا كبيرًا في ابتكار أفكار تخدم المصلحة اللبنانية وتمنع الفراغ التفاوضي من التحول إلى نقطة ضعف بنيوية، والخلل نفسه ينسحب على مقاربة الملفات الجوهرية الأخرى، إذ لا تملك الدولة رؤية جامعة لمسار التعامل مع القضايا السيادية والأمنية، الأمر الذي يجعل كل خطوة تتم في سياق ردّ الفعل لا المبادرة، وتصحيح هذا المسار بات حاجة ملحّة لأن أي تأخير إضافي سيضع لبنان على تماس مباشر مع خيارات صعبة قد لا يكون قادرًا على تحمّل تبعاتها".
توازيًا، وفيما نددت كتلة "الوفاء للمقاومة" بما أسمته تنازلات الدولة المجانية أمام العدو الإسرائيلي وطالبت بفرملتها، تمنى الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط عبر برنامج "صار الوقت" على الـ mtv على الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم أن يفهم أن الجمهورية الإسلامية لا تستطيع أن تستخدم لبنان أو قسمًا من الشيعة اللبنانيّين لتحسين التفاوض من أجل البرنامج النووي الإيراني أو غيره. كما تمنى أن يحصل نقاش داخل أوساط "الحزب" قائلًا: "فليتفقوا على ألا يكونوا أداة مجدّدًا بيد إيران".
وعلى خط المساعي والاتصالات لتجنيب لبنان تجرع كأس حرب جديدة، تلقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي اتصالًا من وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المملكة المتحدة هاميش فالكونر، حيث أعرب عن استعداد بلاده لمساعدة لبنان للحؤول دون تنفيذ إسرائيل تهديداتها التصعيدية ودعم الجيش اللبناني ليتمكن من تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية في بسط سيادتها على كامل أراضيها وحصر السلاح بيد قواها الشرعية.
شماعة "الطائف"
في المقابل، يتجه استحقاق الانتخابات النيابية إلى مزيد من التعقيد، مع إصرار الرئيس نبيه بري على اعتبار القانون الانتخابي الحالي نافذًا وبأن الانتخابات لن تجرى إلا وفقًا للقانون النافذ. بري الذي أكد عدم إلغاء أو تأجيل الانتخابات قال: "أريد أن أذكر بأنني ومنذ أكثر من ثماني سنوات طالبت بتطبيق "اتفاق الطائف" في الشق المتعلق بقانون الانتخابات وإنشاء مجلس للشيوخ، علمًا أن هذا الأمر يأخذ من صلاحيات مجلس النواب ورئيسه".
مصادر مواكبة لملف الانتخابات أكدت لـ "نداء الوطن" أن ليس هناك من أحد يرغب في إلغاء الانتخابات أو تأجيلها، فالموقف واضح لضرورة احترام المهل الدستورية والقانونية وإجرائها في مواعيدها في أيار المقبل لكن استنادا إلى أي قانون؟ من الثابت تضيف المصادر، أن مجلس النواب له الحق بإدخال تعديلات على القانون في حال أجمعت الأكثرية على ذلك، كذلك من حق الحكومة أن ترسل إلى مجلس النواب مشروع قانون، وكيف بالأحرى إذا كان مشروع قانون معجلًا لتعديل بعض المواد وتعليق العمل ببعضها. وبالتالي القانون ليس ثابتًا ومن الممكن أن يكون قابلًا للتعديل ولكن بالإرادة النيابية وليس ضمن إطار ما يمارسه الرئيس بري لجهة إقفال المجلس ومنع النواب من ممارسة دورهم التشريعي بخصوص اقتراحات القوانين المعجلة المكررة المقدمة، أو مشروع القانون المعجل المحال من الحكومة.
بالنسبة إلى موضوع اتفاق الطائف، تلفت المصادر إلى أن الجميع ينادي بضرورة تطبيقه، ولتطبيقه هناك أصول وقواعد. يبدأ التنفيذ ضمن إطار لمّ السلاح وحل كافة الميليشات وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية إنفاذًا لوثيقة الوفاق الوطني و "اتفاق الطائف" والقرار 1701. وتختم المصادر بالقول إن استعمال الطائف كشماعة من أجل منع الأكثرية النيابية من إدخال أي تعديل على قانون الانتخاب أمر مشين وغير مقبول.
وللبنان حصة في "قيصر"
في موازاة التداعيات الإيجابية، السياسية والاقتصادية، التي سيخلّفها إلغاء مفاعيل قانون قيصر في سوريا، ستكون هناك انعكاسات على لبنان أيضًا. وفي تقديرات خبراء الاقتصاد، أن المفاعيل الأساسية ستتركّز على الجانب الاقتصادي، حيث سيصبح الطريق معبّدًا أمام تنشيط الحركة الاقتصادية بين البلدين، خصوصًا في المستقبل، عندما يحين موعد بدء ورشة إعادة الإعمار الشامل في سوريا.
ومع زوال شبح العقوبات عن دمشق، ستُتاح الفرصة أمام القطاع المصرفي اللبناني، للعودة بقوة إلى السوق السوري، خصوصًا بعد إنجاز قانون الفجوة المالية واستعادة المصارف دورها الطبيعي. وتسيطر المصارف اللبنانية التي اضطرت إلى الانسحاب الجزئي من سوريا بسبب قانون قيصر في السابق، على القسم الأكبر من السوق المالي السوري. وتستطيع هذه المصارف العودة بقوة إلى هذا السوق، لتكون منصّة تمويلية للمشاريع التي قد يتمّ تنفيذها في سوريا. كما قد تتحول إلى أداة تمويلية لبعض المشاريع، وسيمرّ عبرها تمويل قسم من حركة الاستيراد والتصدير.
في الموازاة، ستصبح كل المشاريع التي لها علاقة باستجرار الكهرباء من الأردن أو الغاز من مصر، متاحة من دون أية محاذير، كما جرى في السابق.
وستكون شركات المقاولات قادرة على العمل في سوريا بلا أية مخاوف، بما سيسهّل الاستثمار في المشاريع المستقبلية هناك.
في المقابل، لا بد من الإشارة إلى أن الغاء قانون قيصر قد يكون له تأثير سلبي على بعض اللبنانيين الذين سيفقدون دور الوسيط السري الذي كانوا يلعبونه مع سوريين، من أجل التحايل على القانون، وستنتفي الحاجة إلى دور هؤلاء.
تطور قضائي
في موازاة الحراك الدبلوماسي والسياسي المتسارع، سجّل الملف القضائي لانفجار مرفأ بيروت تطوّرًا لافتًا أعاد خلط الأوراق داخل المسار العدلي. فقد أوضحت مصادر قضائية لـ "نداء الوطن" أن القاضي حبيب رزق الله، المكلّف بالتحقيق في الدعوى المقدّمة من النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات ضد القاضي طارق البيطار بجرم "انتحال صفة محقق عدلي واغتصاب سلطة"، هو من اتخذ قرار رفع منع السفر عن البيطار، بعدما كان عويدات قد أرفق دعواه سابقًا بقرار المنع.
وبحسب المعلومات، فإن البيطار قدّم أمس طلبًا لرفع قرار المنع، فأحاله القاضي رزق الله إلى النيابة العامة التمييزية لإبلاغ الأمن العام بالقرار الجديد.
وتجدر الإشارة إلى أن البيطار كان بصدد ختم التحقيق في ملف انفجار المرفأ وإحالته إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها تمهيدًا لإصدار القرار الاتهامي، غير أن توقيف مالك السفينة "روسوس"، إيغور غريتشوشكن، أوقف المسار موقتًا لإتاحة المجال للاستماع إليه والتوسّع في التحقيق.
وبعد الاستماع إلى غريتشوشكن، سيُعاد تفعيل مسار الإحالة، لكن البيطار ينتظر أيضًا القرار الذي سيصدره القاضي حبيب رزق الله في الدعوى المقدّمة ضدّه من قبل عويدات، قبل إعلان ختم التحقيق رسميًا، إذ لا يمكنه إنهاء الملف طالما هناك شكاوى عالقة بحقه. وأفادت المعطيات، بأن رزق الله يُتوقع أن يبت في هذه الدعوى، ويُصدر قراره بشأن الادعاء على البيطار خلال 15 يومًا.
والنقطة المهمة في هذا الملف، هي أن سماح لبنان بانتقال القاضي البيطار إلى بلغاريا، لا يعني التخلي عن خيار استرداد غريتشوشكن. لأن المدعي العام البلغاري وفق المعلومات سيستأنف قرار المحكمة، وهو متمسّك بتسليم مالك السفينة إلى بيروت، ما يبقي هذا المسار مفتوحًا. في الوقت نفسه، يتحرّك لبنان بسرعة لتفادي أي احتمال لإطلاق سراح الموقوف. واللافت أن القاضي البيطار لن يشارك كمراقب فحسب، بل سيكون طرفًا فاعلًا في استجواب غريتشوشكن عبر القضاء البلغاري.
-----------
جريدة صيدونيانيوز.نت
نداء الوطن : تحرير البيطار جوًا هل يفرج عن القرار الاتهامي؟ |غياب استراتيجية تفاوض واضحة يحمّل السفير كرم عبئًا كبيرًا؟ | إقامة منطقة عازلة شمال الحدود مرفوض|