
جريدة صيدونيانيوز.نت / برنامج زيارة البابا: هذه رسائل لاوون ونصائحه
Sidonianews.net
---------------------
الجمهورية
جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة
في مقالة لي صدرت في 21 تموز المنصرم في «الجمهورية» تحت عنوان: «الفاتيكان الخائف على التنوع: البابا يزور لبنان في تشرين2؟»، أوردتُ الأسباب التي حملت البابا لاوون الرابع عشر على زيارة لبنان، وهي الزيارة البابوية الرابعة لهذا البلد، وقد سبقه إليه البابا بولس السادس، عندما حطّ في مطار بيروت الدولي لـ50 دقيقة في 2 كانون الأول 1964، وهو في طريقه إلى بومباي، وكان في استقباله رئيس الجمهورية وأركان الدولة، والزعماء الروحيون المسيحيين والمسلمين. وخلال وجوده في المطار، خصّ لبنان ببركته ووجّه رسالة معبّرة، وكأنّه يهجس بما ينتظره في طالع الأيام، يعرب فيها عن حرصه بأن يبقى وطن الأرز بأمان.
أما زيارة البابا يوحنا بولس الثاني، التي تمت في 10 و11 أيار 1997، فكانت أول زيارة رسمية لرأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وكانت غايتها تسليم الإرشاد الرسولي المنبثق من السينودوس الذي عُقد تحت عنوان «رجاء من أجل لبنان». الزيارة الثالثة كانت للبابا بنديكتوس السادس عشر، والتي استمرت من 14 إلى 16 أيلول 2012، لتقديم الإرشاد الرسولي إلى اساقفة الشرق الأوسط والمنبثق من السينودوس الخاص في تشرين الأول 2010، وحملت الزيارة رسالة سلام ودعوة للحرية الدينية في مختلف أنحاء الشرق الاوسط. أما زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، والتي ستكون الرابعة لحبر أعظم اليه، ستتمّ - إذا لم يطرأ أي تطور أو حدث- في 30 تشرين الثاني و1 و2 كانون الاول، فهي ستكون لافتة. ولكن حتى الساعة لا جزم نهائياً بالموعد. وقبل الحديث عن أهمية الزيارة وأبعادها وترجمتها على أرض الواقع، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ لجنة رسمية تشكّلت لوضع كل ترتيبات هذه الزيارة التاريخية برئاسة السيدة الأولى نعمت عون، تضمّ ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والإعلام وقيادات الجيش، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام وأمن الدولة. فيما شكّل مجلس البطاركة والمطارنة الكاثوليك لجنة منه برئاسة المطران ميشال عون، راعي ابرشية جبيل المارونية، للتنسيق بين الكنيسة والدولة. وسيقيم البابا خلال زيارته في السفارة البابوية بحريصا، وهو سيلتقي في القصر الجمهوري الرئيس جوزاف عون ورئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونواف سلام. كما سيكون له لقاء حاشد في بكركي مع الشبيبة. وسيعقد البابا لقاءً مسكونياً على مقدار كبير من الأهمية، يجمع رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في ساحة الشهداء بوسط العاصمة، حيث سيُنصب سرادق كبير لهذه الغاية. وسيختم زيارته للبنان بقداس إلهي حبري في الواجهة البحرية لبيروت قبل مغادرته عبر مطار رفيق الحريري الدولي.
وفي موازاة برنامج الزيارة الحافل، والاستقبالات الحاشدة التي تنتظر البابا لاوون الرابع عشر في لبنان، لا بدّ من إلقاء الضوء على أبعاد زيارته واهدافها. فهذه الزيارة تتمّ في توقيت دولي واقليمي متفجّر، حيث المنطقة على صفيح ساخن، واحتمال نشوب حرب جديدة يتسع يوماً بعد يوم، والأخطار التي تتعرّض لها الأقليات في سوريا وتتعاظم، وتذكّر بالمصير الذي آلت اليه في حرب العراق بعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.
وتقول جهات متابعة لزيارة البابا إلى لبنان، إنّ الحبر الاعظم يهمّه بعث رسائل إلى الجميع من بيروت:
1- وقف الحروب والنزاعات واعتماد خيار السلام كحل لا مفرّ منه. فلا حل في ظل النار والدمار، بصرف النظر عمّن يمتلك القوة والقدرة على الحسم العسكري.
2- إحترام حرّية الإنسان وحقه في الحياة الكريمة آلامنة، ولا يحق لأي طرف أو قوة سلبه هذا الحق.
3- إنّ لبنان هو بلد التعدد والتنوع. هكذا ولد وهكذا نشأ وهكذا يجب أن يبقى. وعلى الجميع فيه أن يتلاقوا تحت مظلة القيم الجامعة والحق في الاختلاف، والعيش معاً. كما الحذر من المسّ بهذا الوجه الحضاري للبنان، لأنّ تشويهه ستكون له تداعيات خطيرة.
4- اللقاء المسكوني هو شهادة على الرغبة المسيحية ـ الإسلامية المشتركة في استمرار الحوار بين هاتين الديانتين، وذلك من أجل خير الإنسانية والسلام العالمي.
5- حضّ المسيحيين في لبنان على أن يكونوا واسطة خير بين أبناء الطوائف الدينية على تعددها في لبنان، على التقارب وتفهّم هواجس بعضهم البعض، والسعي إلى التفاعل الإيجابي لتوطيد ركائز السلام في ما بينها.
وستكون للبابا لاوون مواقف نوعية ومميزة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء.
لا شك في أنّ زيارة الحبر الأعظم في هذا المنعطف المصيري من تاريخ المنطقة ولبنان، هي رسالة دعم إلى العهد، وخصوصاً للرئيس جوزاف عون الذي يواجه ضغوطاً كبيرة متعددة المصدر، وإلى لبنان دولة ومؤسسات، وقبل أي شيء إلى الشعب اللبناني على اختلاف مكوناته الطائفية. فالفاتيكان لم يتخلّ عن ثوابته لجهة اعتبار لبنان رسالة تتجاوز حدوده الجغرافية، وأنّ مغامرته الإنسانية تستحق التضحيات التي تُبذل، وأنّ حماية وحدته، وحضّ أبنائه عليها هي من أولى الواجبات، وأنّ مصلحة المسيحيين تكمن في الثبات في أرضهم ومواجهة التحدّيات مهما اشتدت الصعاب، والتفاعل الإيجابي مع الطوائف الأخرى لضمان بقاء لبنان.
-------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان/برنامج زيارة البابا: هذه رسائل لاوون ونصائحه