
جريدة صيدونيانيوز.نت / برّاك يخاطب الجارة لتسمع الكنّة : لبنان في قلب المهداف الإسرائيلي!
Sidonianews.net
---------------------
الجمهورية
جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة
ليست مستغربة تصريحات الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان توم برّاك. إنّها ترجمة أمينة لتوجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يعتبر أنّ الشمس لا تُشرق في الشرق الأوسط إلّا من خلال إسرائيل، وأنّ البقية هي من التفاصيل، وهو يُريد من جميع دول المنطقة خدمتها وتحقيق أهدافها في السيطرة التامة سياسياً، أمنياً واقتصادياً، وأنّ دعوته إلى السلام كانت ولا تزال وفق دفتر شروط تل أبيب.
توجّه ترامب إلى دول الخليج وسعى إلى شراكات معها، لكنّه رفض توظيفها في الوجوه التي تحلّ كل القضايا العالقة. الهَمّ كل الهَمّ، هو حماية إسرائيل. ولكن مَن يحمي الدول العربية منها. ضربت قطر وانتهكت سيادتها جواً، وهي التي تستضيف على أرضها قاعدة «العديد»، أكبر قاعدة أميركية في دول مجلس التعاون إن لم يكن في الشرق العربي. وقيل في تفسير ذلك، إنّ تل أبيب أرادت من الغارة تصفية قيادة «حماس» وضرب مبادرة الدوحة في حل موضوع أسراها بموجب اتفاق، كما بعث رسالة إلى تركيا، بعد سلسلة الغارات التي قامت بها في مناطق نفوذ الأخيرة في سوريا، مفادها أنّها لا تقبل بأي دور لأنقرة على طاولة التسوية المقبلة في المنطقة.
برّاك لم يُصوِّب في كلامه على الحكومة اللبنانية، وهو العارف باستحالة حل موضوع السلاح بالقوّة فحسب، بل صوّب على مجموعة من الأهداف:
1- الإتفاق السعودي - الباكستاني، وهو اتفاق على جانب كبير من الخطورة. فالبلدان من أهم البلدان الإسلامية، وتحديداً السنّية: الأول يحتضن مقدّسات المسلمين وطاقة إقتصادية هائلة. والثاني يمتلك القوة النووية.
2- التقارب السعودي - الإيراني الذي تجلّى في لقاءات ثنائية في مؤتمر الدوحة الاستثنائي العربي - الإسلامي على إثر الإعتداء على قطر. كما تجلّى بصورة معبّرة أكثر في اللقاء الذي جمع ولي العهد محمد بن سلمان والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني. وقد ترافق ذلك بتعميم من «حزب الله» على مسؤوليه وكوادره الذين يتعاطون الشأن السياسي والإعلامي، بعدم التعرّض للرياض، وإتباع ذلك بتصريح لافت لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم بانفتاح الحزب على المملكة والتعاون معها.
3- المساعي القائمة لإعادة فتح قنوات الإتصال بين دمشق وطهران، ورصد إجتماعات بعيدة من الأضواء بين السلطة السورية الحالية و»حزب الله»، بغرض فتح صفحة جديدة بين الطرفَين، لكن وفق قواعد مغايرة لتلك التي كانت عليه سابقاً. وذلك على رغم من أنّ إدارة الرئيس أحمد الشرع جادة في توقيع إتفاق مع تل أبيب.
4- الإرادة الدولية التي تمثلت في القرارات الصادرة عن «قمة نيويورك» الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتي اعترفت بدولة فلسطينية، ممّا عزّز موقف السعودية وسائر الدول الخليجية المتمسك بحل الدولتَين. ومندرجات قمة بيروت العربية في آذار 2002، والتي تُوّجت بقرارات على مقدار بالغ من الأهمية، وقد أُطلق عليها «مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز» وكان في حينه ولياً للعهد.
إنّ ردة الفعل الإسرائيلية على كل هذه التطوّرات البالغة الدلالة لا بُدّ من أن تتطوّر تصعيداً لا انكفاء، وأنّ الخطط تُدرَس لتقرير طريقة هذا الردّ ومساراته: في غزة المذبحة مستمرّة ولن تتوقف وربما تتخذ منحى أكثر درامية، وفي سوريا تضرب الحديد الحامي لتطويعه في الاتجاه الذي يصبّ في مصلحة تل أبيب، أمّا في لبنان، وبعدما باتت قوات الدولة العبرية على مسافة 20 كيلومتراً من دمشق، وبالتالي بعدما أصبحت الطريق سالكة أمامها نحو حدوده الشرقية، فلا يُستبعد أن تشنّ هذه القوات هجومات لاختراقها، يتزامن مع التوسع جنوب الليطاني وتجاوزه إلى شماله، في اجتياح جديد. إنّ الإحتمال الأخير جاد إلى أبعد الحدود وليس تهويلاً إذا حلّلنا جيداً تصريحات المسؤولين الإسرائيليِّين وتمحّصنا جيداً في كلام برّاك.
في الخلاصة، إنّ إسرائيل هي الألف والياء في قاموس السياسة الأميركية. إنّها في غاية الاستعداد لحماية دول الخليج من إيران، أمّا إذا اعتدت إسرائيل على إحداها، كما حصل مع قطر، فجواب واشنطن: «لم سمعنا، لم رأينا». وهي مع لبنان لنزع سلاح «حزب الله» بالقوّة، لكنّها لا تلقي بالاً لاعتداءاتها اليومية وما يتكبّده من خسائر بشرية ومادية، وفق منطق «بنت الست وبنت الجارية» و»الصيف والشتاء على سطح واحد».
برّاك كان يخاطب الجارات لتسمع الكناين: «إسرائيل...وبس!».
-------------------------
جريدة صيدونيانيوز.نت / أخبار لبنان / برّاك يخاطب الجارة لتسمع الكنّة : لبنان في قلب المهداف الإسرائيلي!