https://www.sidonianews.net/article332059 /استهداف ح م ا س أم قطر؟
صيدونيا نيوز

جريدة صيدونيانيوز.نت / استهداف ح م ا س أم قطر؟

 

Sidonianews.net

---------------------

الجمهورية / جوني منير

صادمٌ كان خبر القصف الجوي الإسرائيلي لقطر. صحيح أنّ ملاحقة إسرائيل واستهدافها لقيادات حركة «حماس» ليس جديداً وهو متوقع في كل لحظة، خصوصاً بعد عملية «طوفان الأقصى». إلّا أنّ حصول ذلك على الأراضي القطرية شكّل المفاجأة المدوّية. وهو ما يدفع إلى التساؤل عن الأهداف الفعلية التي أرادها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من اختياره للمكان، وأيضاً لاعتماده هذا التوقيت بالذات.

وكان ملفتاً أن يسارع نتنياهو إلى تبنّي العملية التي حصلت في وضح النهار، وبعد فترة قصيرة على حصولها. وقد يقول البعض إنّ لجوء إسرائيل إلى غارات جوية قد يكون بسبب عدم قدرتها على تنفيذ ضربتها عبر خرق بشري ميداني وبأساليب أمنية، لكن تبنّي نتنياهو العملية بسرعة لافتة وبأسلوب فيه شيء من الإحتفالية، يدفع إلى التمهّل في قراءة الخلفيات الحقيقية لما جرى. صحيح أنّ نتنياهو حاول القضاء على ما تبقّى من الجسم السياسي لقيادة حركة «حماس»، لكن الجميع يعرف أنّ التركيبة العسكرية هي الأهم في الظروف الحربية الحالية، والإجتماع المستهدف لم يكن يضمّ أي كادر عسكري مؤثر. لذلك فإنّ الإنطباع الأول تركّز حول أنّ نتنياهو كان يريد القضاء على المجموعة المفاوضة لحركة «حماس». أي أنّه كان يريد الإجهاز على أي فرصة تفاوضية لمصلحة الإبقاء على الخيار العسكري فقط. وقد يكون هذا الإستنتاج صحيحاً. فالحكومة اليمينية التي يترأسها نتنياهو تحمل مشروعاً أكبر وأبعد من مفاهيم الحرب المحدودة. هي تحمل مشروعاً يرتكز على تحقيق مشروع إيديولوجي، وتعتقد أنّ الظرف الذي ولّدته عملية «طوفان الأقصى» لا يمكن أن يتكرّر، وبالتالي لا بدّ من استثماره لتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى وسط ظروف مؤاتية، مع وجود دونالد ترامب على رأس السلطة في واشنطن.

وعلى سبيل المثال فإنّ نتنياهو ومع تجديد حملته العسكرية على غزة، باشر باستهداف الأبراج السكنية وتدميرها، واعترف صراحة بأنّ طائراته دمّرت 50 برجاً. ولكن ماذا يعني ذلك؟ فلو كانت الأبراج تشكّل أهدافاً عسكرية أو «تهديدية» لكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية دمّرتها خلال الأشهر الأولى من الحرب، وما كانت لتنتظر كل هذه المدة. وبالتالي إلى ماذا يهدف نتنياهو في تدميره الجديد هذا؟ والجواب قد يكون صادماً. فرئيس الحكومة الإسرائيلية، والذي يطمح لاستمرار الحرب، بات يشعر بقيود داخلية عنوانها وجوب إطلاق ما تبقّى من الأسرى الأحياء، والذين أضحى عددهم أقل من عشرة. وقد يكون نتنياهو يرجح وجود هؤلاء في أقبية داخل مجمعات سكنية ضخمة، حيث يمكن إخفاؤهم بسهولة، أو داخل أنفاق تبدأ مداخلها تحت أبراج سكنية. لذلك هنالك من لا يستبعد أن يكون نتنياهو يحاول إقفال ملف الأسرى عبر قتلهم «خطأ» من خلال تدمير الأبراج على من فيها. وجاءت الخطوة الثانية من خلال القضاء على كل الوفد الحمساوي المفاوض. وإذذاك تصبح الساحة خالية لاستئناف حربه إلى النهاية وبحجة الإقتصاص من «قتلة» الأسرى. ولمن لا تخونه الذاكرة، فإنّ العصابات الصهيونية «الأرغون» اليمينية المتطرفة، كانت قد فجّرت في العام 1946 فندق الملك داود في القدس، ما أدّى الى مقتل كثير من اليهود، حيث المقرّ الإداري للإنتداب البريطاني. ووفق ما تقدّم، يصبح هدف نتنياهو من العملية فتح الأفق في اتجاه مزيد من الحرب وصولاً لتحقيق مشروع «تغيير وجه المنطقة». لكن الإكتفاء بهذه القراءة قد يكون ناقصاً.

فمن البديهي الإعتقاد أنّ عملية بهذا الحجم لا يمكن أن يتجرأ نتنياهو على القيام بها من دون موافقة ترامب المسبقة والصريحة. فهنالك عاملان أساسيان لا يمكن القفز فوقهما وتجاوز البيت الأبيض. والمقصود هنا المكان، أي قطر بكل ما تمثل، والزمان والمقصود هنا ليس فقط ظروف المنطقة بل خصوصاً الظروف الدولية. ومهما جهد الرئيس الأميركي في مسعاه للتنصل من العملية عبر تقديم تبريرات غير مقنعة، إلّا أنّ المعطيات المنطقية تجنح في اتجاه فرضية منح واشنطن الضوء الأخضر للعملية. ذلك أنّ المعدات وأجهزة الرصد العسكرية الأميركية الموجودة في المنطقة، والتي تغطي مسافات شاسعة تصل إلى حدود بحر الصين، لا بدّ من أن تكون رصدت إقلاع 15 طائرة حربية إسرائيلية في اتجاه الخليج. والمعروف بأنّ الأمرة الجوية في المنطقة تعود أولاً وأخيراً للقيادة العسكرية الأميركية. ولو أراد ترامب منع نتنياهو من القيام بعمليته لكان تحقق ذلك، إسوة بما حصل في نهاية الحرب على إيران، حين منعت واشنطن تل أبيب من إكمال حربها، وتمّ إرغام الطائرات الإسرائيلية للعودة إلى مطاراتها العسكرية.

صحيح أنّ إسرائيل بقيادتها اليمينية المتطرفة هي بمثابة آلة حرب متفلتة من كل قيد، إلّا أنّ الأصح والأكثر دقة أنّ واشنطن تؤمّن لها كل عوامل الدعم والحماية. وتكفي الإشارة إلى أنّ الطائرات الإسرائيلية وفي خلال 24 ساعة فقط كانت تشن هجمات على 5 بلدان هي: غزة ولبنان وسوريا وقطر واليمن. وفي الوقت عينه كان نتنياهو يجاهر بمشروع إسرائيل. ولكن الجديد الصادم يبقى في إدخال قطر على برنامج العمليات الجوية، ما يطرح السؤال الأهم عن الرسائل الحقيقية والأهداف المطلوبة. وكان لافتاً تصريح السفير الإسرائيلي في واشنطن لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية والتي يتابعها ترامب، من أنّه إذا كانت إسرائيل قد أخطأت هدفها في هجوم الدوحة فستصيبها في المرّة المقبلة. إذاً هو يتحدث عن هجمات أخرى، ولو أنّه لم يحدّد الأمكنة المقصودة وأبقاها في العموميات، على رغم من أنّ ترامب كان يعلن إلتزامه بعدم تكرار الهجمات على قطر.

والمعروف أنّ مظلة الحماية الأمنية الأميركية لدول الخليج تعززت بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وعلى هذا الأساس تمّ بناء قواعد عسكرية أميركية ضخمة في أنحاء الخليج، وتمّ استثمار الموارد المالية الخليجية الهائلة في الأسواق الإقتصادية الأميركية. وعلى رغم من ذلك لم تتحرك بطاريات الدفاع الجوي المتطورة الأميركية الصنع مثل «باتريوت» و»ثاد» لاكتشاف الطائرات المعتدية وإسقاطها. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول ما هو المطلوب تحديداً من هذا الهجوم. المحلل العسكري في صحيفة «إسرائيل هيوم» يوآف ليمور، كشف أنّ «الشاباك» كان اقترح قبل نحو سنة تنفيذ عملية اغتيال قادة «حماس» في قطر، لكن المستوى السياسي لم يصادق على هذا الإقتراح، وهو أيضاً رفض فرصاً واقتراحات أخرى تعالت في وقت لاحق. وهذا ما يؤكّد أنّ لاختيار التوقيت الحالي جهوز الظروف السياسية. وفي هذا الإطار لفت كلام رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال مؤتمره الصحافي تعليقاً على الإعتداء، بأنّ إسرائيل قالت إنّها في صدد إعادة تشكيل المنطقة. والسؤال هنا عمّا إذا كانت تريد إعادة تشكيل الخليج، وفق ما قال رئيس الوزراء القطري. وهو قد يكون وجّه كلامه لواشنطن أكثر منه لتل أبيب. وقد يضع البعض ما يحصل في إطار بدء تحويل المنطقة ساحة نفوذ إسرائيلية، وهو ما يفسّر هجماتها الجوية المتتالية والمفتوحة على أي بقعة في أي بلد كان، بهدف الإبقاء على تفوقها العسكري الكامل. فعلى سبيل المثال، فإنّ الغارات التي شنّتها مقاتلات إسرائيلية على مواقع عسكرية سورية في محيط اللاذقية وحمص مساء الإثنين الماضي، استهدفت أسلحة دفاعية تركية تمّ تزويد الجيش السوري بها حديثاً، وهي كناية عن صواريخ ومعدات دفاع جوي تمّ نقلها إلى المنطقة منذ وقت قصير.

بعد أيام سيتراجع الإهتمام الإعلامي عمّا حصل في قطر لمصلحة اللقاءات التي ستشهدها أروقة نيويورك على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ولا شك في أنّ ترامب سيجتذب عدسات الوسائل الإعلامية وأضواءها، وهو المعروف عنه ولعه بـ»الميديا» واللعبة الدعائية. وستتركّز الأنظار على اجتماعاته، مرّة مع الرئيس السوري احمد الشرع، ومرّة أخرى مع شخصيات مثيرة للجدل. لكن لقاءه مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في حال حضوره، سيكون له طعم آخر. في وقت أشار إستطلاع «غالوب» إلى أنّ 60% من الأميركيين باتوا يعارضون الحرب الدائرة في غزة مقابل 32% فقط، واستطلاع مؤسسة «بيو» الذي أشار إلى أنّ 53% من الأميركيين باتوا ينظرون إلى إسرائيل نظرة سلبية.

-------------------------

جريدة صيدونيانيوز.نت / اخبار لبنان / استهداف ح م ا س أم قطر؟

 

 

 

 

 





www.Sidonianews.Net

Owner & Administrator & Editor-in-Chief: Ghassan Zaatari

Saida- Lebanon – Barbeer Bldg-4th floor - P.O.Box: 406 Saida

Mobile: +961 3 226013 – Phone Office: +961 7 726007

Email: zaatari.ghassan@gmail.com - zaataripress@yahoo.com

https://www.sidonianews.net/article332059 /استهداف ح م ا س أم قطر؟