صيدونيانيوزنت / أقلام / نساء حول الرسول(3/ب) / عائشة حبيبة حبيب الله
في تلك المرحلة وبعد زواج النبي من عائشة ، اشتد إيذاء المشركين للمسلمين فأذن لهم النبي بالهجرة إلى المدينة المنورة . وبعد فترة يسيرة ذهب النبي إلى أبي بكر ليبرم معه مراحل الهجرة وكان ذلك بعد أن نزل عليه جبريل وأخبره بمؤامرة قومه عليه ليقتلوه ، وأمره بعدم المبيت في فراشه الليلة .
واتفق الصاحبان على مراحل وخطوات الهجرة ، وفي تلك الليلة طلب النبي من ابن عمه علي بن أبي طالب المبيت في فراشه وفي برده ليوهم مجرمي قريش أنه لا زال في فراشه ، وطمأن النبي عليا بأنه لن يصيبه مكروه بإذن الله . والقصة معروفة في كتب السير .
واستطاع النبي اختراق صفوف المشركين وحثا على رؤوسهم التراب وهو يتلو {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ }(يس : 9)
وبعد أن أقام النبي وصاحبه ثلاث ليال في غار ثور ارتحلا إلى المدينة على طريق السواحل وكان دليلهم عبد الله بن أريقط. وكان ذلك في يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة ، الموافق ل 23 سبتمبر سنة 622 م.
وكانت المدينة كلها قد زحفت لاستقبال أشرف الخلق ، وكان يوما مشهودا وقد رأى فيه اليهود صدق البشارة التي وردت كتبهم( بشارة حبقوق النبي )
وبعد أيام من هجرة النبي وصلت زوجته سودة وبنتاه فاطمة وأم كلثوم واسامة بن زيد وأم أيمن ، و خرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ومنهم عائشة وبقيت زينب عند أبي العاص لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر .
وكان من دعاء النبي للمدينة (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ).
وبعد النصر في معركة بدر، بنى النبي بعائشة واجتمع الناس في دار أبي بكر فرحين لهذه المناسبة السعيدة . وكانت السيدة عائشة البكر الوحيدة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت فرحة لذلك وتذكر ذلك للنبي بقولها :( أرَأَيْتَ لو نَزَلْتَ وادِيًا وفيهِ شَجَرَةٌ قدْ أُكِلَ منها، ووَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ منها، في أيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قالَ: في الذي لَمْ يُرْتَعْ منها). تَعْنِي أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا وأنها المفضلة عنده .
وكانت السعادة ترفرف على بيت الني على رغم حياة التقشف التي عاشها النبي واهله . وأحبت عائشة أن تأخذ مكان خديجة في قلب النبي ولكن عليه الصلاة والسلام كان مخلصا لخديجة فمقامها ومكانتها لم ولن تشارك فيه امرأة أخرى مهما علا شأنها . وكانت عائشة ترجوأن يكون لها ولد من النبي لكن الله شاء أن لا يتم الامر ونصحها النبي أن تتكنى بابن أختها عبد الله بن الزبير فكانت كنيتها أم عبد الله .
وكان النبي يعلم ويقدر صغر سن عائشة ، فكان يغذيها بالعلم والأخلاق ولا يحرمها من أن تتعايش مع متطلبات سنها الصغير فيتركها تلعب مع أترابها وبعرائسها ... لا بل كان يلاعبها ويتسابق معها .
وذات مرة علا صوتها على صوت النبي وكان أبو بكر بالباب يسـتأذن بالدخول ، فغضب لفعلها ولكن النبي حال بين عائشة وأبيها . ثم راح النبي يترضاها حتى رضيت وضحكا، فلما سمع أبو بكر ذلك قال لهما أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما . ...
وكانت عائشة تروي عن أخلاق النبي ما يعجز عنه القلم وحسبه قول الله تعالى فيه ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ )(القلم/ 4). وكان عليه الصلاة والسلام مع كثرة انشغاله بالعبادة والدعوة إلى الله فلقد كان يساعد اهله وقد سئلت عائشة عن فعل النبي في بيته فقالت كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج .
ولقد تعهدها النبي بالتربية والرعاية والتعليم وعلمها أن الرحمة والرفق سبب كل خير . ومن قوله لها " عليك بالرفق ،فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه " .
وكان الني لا يجامل أحدا في دين الله حتى ولو كان من أحب الناس إليه ، فهاهو يرشد عائشة إلى خطأ إشارتها إلى قصرضرتها صفية بنت حيي بقولها حسبك من صفية مع الإشارة لقصرها إذ قال لها : (لقد قلتِ كلِمَةً لو مُزِجت بماءِ البحرِ لمزجته)
ومثل ذلك لما رأى التصاوير في غرفتها فلم يدخل حتى نزعتها...
وإلى لقاء آخر مع حبيبة الرسول عائشة الصديقة
حمود الحصري / صحابيات حول الرسول / بتصرف
2024-02-27